مصروف البيت في «إيد الأولاد» أب يبتكر طريقة جديدة لتعليم أبنائه المسئولية
"من كام يوم بقول ليوسف ابني 8 سنين يلا نطلب وجبة سمك، حضر الورقة والقلم وحسب التكلفة ورد عليا قائلًا: لا يا بابا السمك مكلف هنطلب دجاج" مشهد قد يبدو هزليا أو خياليا، أو مقتطعا من إحدى مغامرات الأطفال في عالمهم الخاص الذي يَرسمونه وحدهم، فيكونوا هم صانعو قراراتهم وراسمو خطواتهم، فعادة الطفل في عالمه الخاص مع أنه رجل بالغ عاقل.
المشهد حدث على أرض الواقع تحديدا في مدينة الشيخ زايد داخل منزل المهندس شريف عبد الجواد الرجل الذي قرر وزوجته ابتكار طريقة جديدة في تربية أولاده وتعليمهم تحمل المسئولية منذ الصغر بتسليمهم مصروف البيت لشراء احتياجات الأسرة.
قصة المهندس شريف وزوجته مع أولاده جمانا ويوسف انتشرت انتشار النار في الهشيم على صفحات التواصل الاجتماعي بعد بوست كتبه الوالد يحكي فيه التجربة: "من أسبوعين قررنا أنا وزوجتي أننا نخلي الأولاد يمسكوا مصروف البيت لمده أسبوع (جمانة 12 سنة ويوسف 8 سنوات) من غير ما يمسكوا فلوس بس يقرروا نشتري إيه ومنشتريش إيه، جمانة بدأت الأسبوع اللي فات، بدأت الأسبوع بجلسة مع مامتها وسألت على أسعار كل حاجة وكتبت ورقة فيها اللي حاجات اللي هتجيبها واتصلت بالسوبر ماركت فعلا وجابتها وطلع الحساب بالظبط زي ما كانت حاسبه، جمانه خلصت الأسبوع وموفرة من البادجيت مبلغ كويس وقبل الأسبوع ما يخلص جابت شيكولاتة لكل واحد من العيلة، الأسبوع ده بتاع يوسف، بدا إمبارح جاب الطلبات بس تقريبا ناوي يجوعنا علشان يوفر أكتر من جمانة".
يتحدث المهندس شريف بكثير من التباهي بتجربته مع أولاده: "التجربة كانت مفيدة جدا للأولاد ولأول مرة بنروح السوبر ماركت إحنا اللي بنتحايل يجيبوا حاجات وهما اللي رافضين، في الظروف دي وبصرف النظر عن ظروفك المادية لازم الأولاد يتعلموا قيمة الفلوس وأهميتها ولازم يشتركوا في قرارات الأسرة ده بيكبرهم وبيبني شخصيتهم، فاكر لغاية دلوقتي أبويا الله يرحمه وهو كل يوم على الغداء يأخد رأينا في الشغل وفي القرارات المصيرية للأسرة ويسمع رأينا حتى وإحنا عيال صغيرة".
نال المنشور إعجاب رواد مواقع التواصل الاجتماعي وانهالت التعليقات التي تبدي إعجابها بالفكرة وبالطريقة الجديدة في تعليم الأطفال معنى المسئولية رغم حداثة عمرهم، وعن ذلك يقول الأب "أنا تاجر ابن تاجر واتعلمت أن الأولاد لازم يكونوا صناع قرار في البيت ويشاركوا في كل حاجة زي ما أبويا علمني".
طقس لم تعهده أسرة من قبل، أن تصبح فتاة في الثانية عشرة من عمرها هي من يحدد ماذا سيشترون لغداء اليوم، وأرفف الأرز والزيت ماذا ينقصها، وتخوض وحدها جولات "السوبر ماركت": "أنا بدخل على جومانا ألاقيها ماسكة الورقة والقلم وبتكتب الحاجات اللي البيت محتاجها، بتحسب الأسعار وتشوف إيه السلع اللي سعرها عالي وممكن نستبدلها بسلع نفس النوعية لكن بأسعار أقل"، فتاة في الثانية عشرة ألقى بها والدها في حلبة "وزارة المالية الأسرية" كما يمكن أن نطلق عليه، "أحيانًا أما وأمهم بنكون نفسنا في حاجة مبنشتريهاش بسببهم لأنهم بيقولوا غالية علينا والميزانية لا تسمح!".
وحتى لا تهتز الصورة التي حاول شريف جاهدًا أن يرسمها لطفليه أنهما العقول المدبرة والقابضين على خزينة المنزل، ينزل هو وزوجته على رغبة الأبناء: "لما بيقولولي مش هنجيب الأكل الفلاني بسمع كلامهم وفعلًا بستبدله".
لم يكن هذا الأمر بدعة أو فكرة جاءت من لا وعي شريف وقرر أن ينفذها ليتخطى كل ما هو مألوف في الحياة الأسرية، لكنها عادة تربى عليها منذ سنوات عمره الأولى: "والدي كان تاجر كبير وكنا مرتاحين ماديًا، لكن كان بيحاول ميحسسناش بده كان بيخلينا نحسب حساب كل حاجة محتاجينها، ولا يقتصر دورنا على إسداء الأوامر أن أحضر لي هذا أو ذاك، حتى الأمور العائلية الدقيقة كان يشاركنا بها، ويستمع لنصائحنا".
في خلال أيام قليلة نجح شريف في تحقيق هدفه في أن يجعل طفلين لم يدركا بعد ماذا تعني الأزمات الاقتصادية أو الضغوط المادية وغيرها من المصطلحات التي أرقت نوم الآلاف من الآباء والأمهات: "جومانا بقت ست بيت زي والدتها، بتشوف الفاكهة والخضار اللي نحتاجهم بالظبط وتشتريهم وتوفر الباقي، آخر الأسبوع وفرت أكتر من اللي كانت بتوفره والدتها ولكي تكافئ نفسها أنها اشترت لكل حد فينا شيكولاتة".
ينتمي لأسرة ميسورة الحال، وطبقة اجتماعية مرموقة، لكنه أراد أن يبعث برسالة إلى كافة الأهالي بضرورة أن يشركوا أبناءهم في كافة القرارات الحياتية، بما فيها الشئون المادية ومصروف المنزل، "كل أب لازم يحمل أولاده المسئولية ويعلمه أن مش كل حاجة يحتاجها يلاقيها".