بيان حزب الاتحاد اللبناني في ذكرى مئوية ميلاد القائد المعلم جمال عبد الناصر
تمر علينا ذكرى مرور مئة عام على ميلاد القائد المعلم جمال عبد الناصر والأمة تعيش في أسوأ ظروفها وأوقاتها على الإطلاق من تشرذم وخلافات في ظل تطورات سياسية تهتز لها أركان الأمة العربية وتطورات تهدد وجودها كأمة بما يجعلها عرضة للتقسيم والتفتيت إلى دويلات مذهبية وعرقية ومخاطر وتحديات تحيق بالأمة وأولها المشروع الصهيو أميركي القديم الجيد.
لقد انطلق جمال عبد الناصر في ثورته وهو مؤمن بأن قوة مصر من قوة العرب وقوة العرب من قوة مصر وسعى إلى إبراز علاقة مصر الأخوية مع العرب وبأنها جزء من هذا الوطن الكبير، كما انها جزء من دول العالم الإسلامي وجزء من أفريقيا وهو ما عبر عنه بالدوائر الثلاث: الدائرة العربية والدائرة الأفريقية والدائرة الإسلامية. وهو القائل لقد أعطيت هذه الثورة العربية عمري وسيبقى لهذه الثورة العربية عمري كيف لا وهو من اتسع قلبه لأحلام أمته من المحيط إلى الخليج وإن مناداته بالوحدة والعمل من أجلها ليست فقط من أجل وحدة التاريخ وليست فقط من أجل الأمن القومي بل هي أيضا وحدة مصالح ووحدة مصير.
إن الحنين إلى زمن عبد الناصر ليس مجرد حنين إلى الماضي ولكنه من أجل التمسك بالمثل العليا، واستعادة الثقة في قدرة المرء على تحقيق الطموحات والمثل العليا وتحويلها إلى واقع. وبناء مستقبل أفضل تسترد من خلاله الأمة قرارها المستقل ونهضتها القومية بعيدا عن التبعية والهوان. وعندما نتذكر إنجازات هذا المارد العربي ومقارنتها بوقعنا الحالي لا يسعنا إلا ان نعترف بالفارق الشاسع بين زمنه وما نعيش، فهو باعث نهضة العرب وقوميتهم والمنادي بتحررهم ووحدتهم وأحد أقطاب عدم الانحياز الذي كسر احتكار القوة وغير ميزان القوى على الساحة الدولية. وهو من قاد حركة التحرر الوطني وواجه الاستعمار بكل أشكاله من أجل انعتاق الشعوب من الاستعمار وساعد على تعزيز قوى التحرر في العالم.
إن تجربة هذا القائد العملاقة ما زالت ماثلة في أذهان الشعوب التواقة للحرية والعدالة وهي تستحضر ذكراه عند أي مفصل أو تحد أو خطر يحدق بها فترفع راياته تردد هتافاته وما عاش وناضل من أجله. وإن تجربته ما زالت حية رغم محاولات طمسها، فمات من يسعى لذلك في مقابر النسيان بينما هو باق قيمه ومبادئه وما أصبحت ترمز إليه من الإحساس بالكرامة والعزة .
ونحن نحتفل بهذه الذكرى نتذكر فلسطين التي عاشت في وجدان القائد المعلم وناضل من أجلها وسعى إلى إطلاق مقاومتها ونردد مقولته الشهيرة بأن المقاومة الفلسطينية وجدت لتبقى وتنتصر ولسوف تبقى وتنتصر. حيث تثبت الأيام أن الرهان على المقاومة الذي أطلقه القائد المعلم هو اللغة الوحيد التي يفهمها العدو الصهيوني وليس اتفاقيات الذل التي تسعى إليها الإدارة الأميركية والتي جردت العرب حتى الآن حتى من ورقة التوت التي تسترهم وكان آخرها قرار ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة ضاربا عرض الحائط حتى باتفاقيات السلام المزعوم والتي ستداس تحت أقدام عهد التميمي ورفاقها مؤكدين شعار بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.
إننا اليوم كأمة عربية وفي هذه الظروف مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالتوقف عن الخلافات وعن الانشغال بهموم الاستمرار بالحكم والانشغال بالاستعداء المذهبي بدل الانشغال بهموم الشعب ومطالبه بالعدالة والحرية والعزة. ومطالبون بالعودة إلى مبادىء عبد الناصر والتنسيق الدائم لأننا في زورق واحد غرقه يعني غرق الأمة كلها. وفي هذه المناسبة نطالب مصر بالعودة لأخذ دورها في قيادة الأمة كما كانت في عهد القائد المعلم لأنه قدرها وموقعها أن تكون الحارس الأمين على الأمن القومي العربي وان تسارع إلى إجراء المصالحات العربية خدمة لهذا الأمن القومي.
إن ثوابت تجربة جمال عبد الناصر في الحرية والوحدة هي أهداف ومهمات تاريخية لن تموت فما احوجنا اليوم للعودة الى مشروع عبد الناصر الوحدوي العربي الحضاري التحرري المستقل كي تستعيد الامة سيادتها على أرضها واسترداد قرارها المستقل.