تشهد قطر أزمة دبلوماسية مع جيرانها فى المنطقة منذ الخامس من يونيو الماضى، إثر قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وطرح ذلك العديد من التساؤلات حول قدرة الدوحة على مواجهة القيود التى فرضت عليها ومدى تأثير الأزمة على اقتصاد الدولة والقطاع المالى بشكل خاص.
وهنا نجد أن الاقتصاد القطرى لن ولم يصمد طويلا أمام العقوبات التى وضعها الرباعى العربى لردع الدوحة عن تمويل الإرهاب فى المنطقة، من خلال الانفاق على جماعات الإرهاب والكيانات المتطرفة وفى مقدمتها جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة وحركة طالبان، فضلا عن تمويل تنظيم داعش الإرهابى. حيث أكد عدد كبير من خبراء المال الدوليين، أن جهاز قطر للاستثمار المسمى "صندوق الثروة السيادية فى الدولة" يحاول منذ بداية الأزمة إيداع الأموال فى القطاع المصرفى لاستبدال الودائع الخليجية التى سحبت من البنوك القطرية، ومع زيادة فترة المقاطعة سيحتاج القطاع المصرفى إلى دعم أوسع من صندوق الثروة.
وأضاف الخبراء، أنه من المرجح أن يبدأ الجهاز ببيع أجزاء من محفظة أصوله السائلة، وليس من المحدد بعد ما إذا كان هذا الدعم سيوجه من خلال البنك المركزى.
وفى السياق نفسه قال فرانسيسكو تانج بوستيلوس، الخبير الاقتصادى فى شركة أبحاث "IHS Markit" التى يقع مقرها فى بريطانيا، فى تصريحات له، إن جميع التقديرات تشير إلى أن لدى الجهاز القطرى السيادى أكثر من 150 مليار دولار من الأصول السائلة التى يمكن الاستفادة منها فى أى لحظة، وفى حال قامت كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين بسحب جميع الودائع والقروض، فإنه من المتوقع أن تخفض قطر من أصول الجهاز دون تأخير لإعادة بناء احتياطيات البنك المركزى، وذلك هو ما يحاول تنظيم الحمدين القيام به الآن.
كما رأى خبراء اقتصاديون، أن البنوك القطرية تواجه أزمة فى السيولة إثر قطع المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر، مشيرين إلى أحجام الودائع الضخمة من تلك الدول فى البنوك القطرية، والتى رأوا أن سحبها كاملة سيشكل ضغطا على البنوك ويرغم الحكومة على تغطية النقص.
ومنذ شهر يونيو الماضى تراجعت ودائع العملاء الأجانب فى المصارف القطرية بـ 14 مليار ريال قطرى شهريا، أى ما يعادل فى 3 شهور 45 مليار ريال قطرى.
قطاع البترول يبدأ مرحلة الركود الكبرى
من نزيف المصارف إلى نزيف قطاع البترول، حيث بدأت الشروخ تتسلل إلى قلاع قطر النفطية التى كانت أحد أبرز مصادر قوة الاقتصاد القطرى الذى أنفق من خلاله نظام تميم بن حمد على جماعات الإرهاب والكيانات المتطرفة وفى مقدمتها جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة وحركة طالبان، فضلا عن تمويل تنظيم داعش الإرهابى.
وينافس قطاع النفط والغاز القطرى على صدارة القطاعات التى فقدت الكثير من أرباحها وخططها التوسعية منذ بداية المقاطع العربية للإمارة الراعية للإرهاب، حيث أكدت تقارير غربية عدة أن خطط قطر للتوسع فى إنتاج الغاز 30% بحلول عام 2018، توقفت بل وفى طريقها للانحسار.
وخلال شهرين من المقاطعة خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى قبل أسبوعين توقعاتها لمستقبل 4 مؤسسات غاز قطرية من مستقر إلى سلبى، مشيرة إلى أنها يمكن أن تقوم بتخفيض تصنيفات شركة قطر للبترول فى حال تراجع التصنيف السيادى لقطر.
كما صنفت وكالة التنصنيف الائتمانى الدولية "ستاندرد آند بورز" دولة قطر عند مستوى "-AA" للمرة الثانية خلال شهرين وعدلت النظرة المستقبيلة إلى "سلبية"، مؤكدة أن العائلة الحاكمة تحاول صرف ممتلكتها الخاصة من الصناديق الخاصة للأمراء لسد العجز الذى تشهده البلاد منذ بدء أزمة الدوحة مع الدول العربية.
وقالت الوكالة فى تقريرها حسب ما نشرت شبكة "سى إن إن" الإخبارية الأمريكية: "نتوقع أن تؤدى الأزمة لتباطؤ نمو اقتصاد قطر، وعرقلة الأداء المالى والخارجى، حيث يتم تعويض التدفقات خارج الدولة من التمويل الخارجى عبر السحب من الأصول الحكومية".
وحذرت هيئات دولية، من الانهيار الوشيك فى الاقتصاد القطرى الفترة المقبلة إذا زادت فترة المقاطعة العربية لها، حيث ستلجأ قطر إلى الاقتراض من الخارج فى حالة انتهاء ثروات الدوحة من الصناديق السياسية.