إن التصريحات التى أطلقها الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى وأثارت جدلاً ونقداً بالمنطقة العربية والإسلامية للمساواه بين الرجل والمراة فى كافة المجالات حتى الميراث، ثم إباحة زواج المسلمة بغير مسلم، وقد أطلقت هذه التصريحات بمناسبة العيد الوطنى للمرأة، وقد شكل السبسى لجنة للبحث فى الصيغ القانونية والنظر فى إرساء المساواة فى الإرث، والبحث عن صيغ لاتتعارض مع الدين ومقاصده ولا مع الدستور ومبادئه، وأطلق العنان الى وزير العدل لإعادة المنشور رقم 73 الذى يمنع زواج المرأة التونسية بأجنبى غير مسلم، وحيث أن هذه الصيحة تخالف مبادئ الشريعة الإسلامية والدين الحنيف طبقاً للآتى:-
أولاً: الشريعة الإسلامية تناولت الإنسان منذ بدء الخليقة آدم عليه السلام حتى يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها، وأوضحت للإنسان حقوقه من قبل أن يولد بأن يختار الأب الزوجة الصالحة، والتسمية السليمة والتنشأة الصحيحة، وحقه فى الإرث، الى أن يفارق الحياه بالصلاة على جثمانه والترحم عليه، وأوضحت للإنسان الطريق السليم للنجاه فى الدارين الدنيا والآخرة بإطاعة أوامر الله سبحانه وتعالى والبعد عن ما نهى الله سبحانه وتعالى وأثمه، وأطلقت للإنسان حق الخيار للسير بأسلوب حياته، ولا إكراه فى الدين.
ثانياً: الشريعة الأولى التى أوردت حق مقدار حق الإرث للأولاد الآية 11 من سورة النساء.
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)
هذه وصية الله سبحانه وتعالى للبشر، وردت بصيغة المضارع بمعنى إستمراريتها وتطبيقها، كيف ياتى مخلوق ليهدر وصية الخالق؟.
وقد أوصى وأمر الله سبحانه وتعالى بوصية أولادكم ولم ترد الآية الأبناء، حيث أن لفظ الولد أدعى للرحمة من لفظ الإبن، والأب أرحم على الإبن، وبهذا اللفظ رب الاولاد أرحم بالأولاد من الوالدين، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام فى امرأة رآها قد ألقت نفسها على إبنها فى بعض المغانم الله أرحم بعبده المؤمن من هذه بولدها وكذلك قال فى الحمرة التى أخذ فراخها فألقت نفسها عليهم حتى أطبق عليها الكساء معهم فقال عليه الصلاة والسلام أتعجبون من رحمة هذه بفراخها فالله أرحم بعبده المؤمن منها وحسبك بقوله سبحانه وهو أرحم الراحمين فالأبوان من الراحمين فالله تعالى أرحم منهما فلذلك أوصى الآباء بأولادهم وإن كان المعروف الا يوصى والد بولده وإنما يوصى الإنسان غيره بولد نفسه إذا غاب عنه وأما أن يوصى والد بولد نفسه فغير معروف فى العادة لأن للولد أن يقول أنا أرحم بولدى منك فكيف توصينى بهم فسبحان من هو أرحم الراحمين وأعدل الحاكمين. }وقال سبحانه: {يوصيكم} بلفظ الفعل الدائم لا بلفظ الماضى كما قال فى غير آية نحو قوله تعالى: {أنزلناها وفرضناها}ونحو قوله: {فرض عليك القرآن} ونحو قوله: {ذلكم وصاكم به} ونحو قوله: {كتب عليكم الصيام}، و{كتب عليكم القتال}ولم يقل هاهنا كذلك وإنما قال يوصيكم والحكمة في ذلك والله أعلم أن الآية ناسخة للوصية المكتوبة عليهم في قوله:{كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت} الآية فلما نسخ الوصية الماضية وإستأنف حكماً آخر جاء بلفظ الفعل المستأنف تنبيها على نسخ ما مضى والشروع فى حكم آخر فقال: {يوصيكم الله .
وجاء بالإسم الظاهر ولم يقل أوصيكم ولا نوصيكم كما قال نتلو عليك ونقص عليك لأنه أراد تعظيم هذه الوصية والترهيب من إضاعتها كما قال يعظكم الله ويحذركم الله نفسه فمتى أراد تعظيم الأمر جاء بهذا الإسم ظاهراً لأنه أهيب أسمائه وأحقها بالتعظيم والله أعلم.
ويعضد هذا قول الشاعر:
عن الكريم وأبيك يعتمل ** إن لم يجد يوماً على من يتكل
ثالثاً:كرمت الشريعة الإسلامية النساء حيث أوردت سورة بإسم النساء وأخرى بإسم الطاهرة البتول مريم"رضى الله عنها" وأوضحت حقوق النساء فى جميع المجالات.
رابعاً:أباح الإسلام زواج المسلم الزواج من أهل الكتاب "مالم يكن هذا الزواج سيؤثر على الأبناء"حيث أن المسلم يؤمن بموسى وهارون عليهما السلام، ويؤمن بالمسيح عليه السلام، ولم يبيح للمسلمة بالزواج من أهل الكتاب حيث أن أهل الكتاب لايؤمنوا بالرسول الخاتم محمد عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا إنعقد رأى الجمهور وفتاوى الأزهر الشريف، ودليل إباحة المسلم من يهودية أو نصرانية قول الله سبحانه وتعالى الآية 4 من المائدة(اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان..)، ولكن لايحل للسلم ان يتزوج بغير كتابية حيث أن الآية 221 من سورة البقرة (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ..)
ولا يحل للمسلمة أن تتزوج بغير المسلم من الديانات الأخرى لا من اليهود والنصارى ولا من غيرهم من الكفار ، فلا يحل لها أن ينكحها اليهودى أو النصرانى ولا المجوسى ولا الشيوعى والوثنى أو غير ذلك، حيث الآية 221 من سورة النساء قوله تعالى (... ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه وبيين آياته للناس لعلهم يتذكرون)
وقد اورد الله سبحانه وتعالى فى سورة إبراهيم ما أنعم الله به على البشر ثم حذرهم من مخالفة الشرع:-
( وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ "3" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ "35"رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "36" رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ "37"رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ ۗ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ" 38" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ "39" رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ "40" رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ "41" وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ "42")
هذا الإسلام الحق وصدق الله العظيم.