عندما ننظر حولنا جيدا ونرى ما يمر في مصر الان من ازمات صحية واقتصادية وسياسية وانتشار معدلات البطالة والهجرة الغير شرعية مع الاستعانة من الشركات في مصر بعمالة من غير المصريين لنقص الكفاءات ومع انتشار معدلات الجريمة والارهاب في مصر سنجد ان هناك عامل رئيسي وراء تلك المشكلات وهو سوء المنظومة التعليمية في مصر والتى بدأ انهيارها منذ نهاية عام 1990والحق يقال وبالرغم من انه من النظام السابق وكانت ضده العديد من القضايا بعد ثورة يناير الا اننا نشهد جميعا بأن افضل فترة في المنظومة التعليمية في مصر كانت فترة تولي الدكتور احمد فتحي سرور وزير التعليم في مصر وكان وقتها وزير التعليم هو يتولى جميع المراحل التعليمية في مصر من التعليم الاساسي وحتى التعليم الجامعي
وبعد ذلك الوقت بدأت العملية التعليمية في الانهيار وبعد فصل التعليم الجامعي عن وزارة التربية والتعليم وبدأ موضوع تعديل المواد الدراسية التى للاسف كان قرار سيئ للغاية حيث يتم الان تدريس ما كان يدرس بمواد الاعدادية قبل عام 1990 للمراحل الابتدائية وبعدما كانت المرحلة الابتدائية مرحلة تأسيسية للاسف اصبحت اسوء مراحل التعليم وايضا بعد عام 1990 بدأت تجتاح بلدنا ما يسمى بالدروس الخصوصية والتي كانت العامل الرئيسي لانهيار التعليم الحكومي في مصر لعدم التعامل الجيد من قبل القائمين على العملية التعليمية من المدرسين والاساتذة مع الطلبة داخل المدارس واعتمادهم على الدروس الخصوصية التى حولت التعليم لمجرد سلعة مثلها مثل السلع الغذائية والملابس
وللاسف تسبب انهيار المنظومة التعليمية في عدم وجود كفاءات في المجالات المطلوبة لسوق العمل في مصر مثل المجالات الصحية والصناعية والتكنولوجيا وغيرها من المجالات حتى المجالات الحرفية للاسف فقدت الكفاءات لانهيار منظومة التعليم الفني والمهني في مصر
رحم الله عميد الادب العربي الدكتور طه حسين الذي اطلق كلمته الشهيرة
( التعليم كالماء والهواء )
ولكن في ظل عدم وجود مدارس كافية واصبح عدد التلاميذ في الفصل يصل الى ما يزيد عن السبعون تلميذا مما يجعل من الصعب سيطرة المدرس عليهم, وقد لحق بالتعليم كثير من الأمور المستحدثة مثل ضرورة دراسة لغة أجنبية, والاكتشافات العلمية الحديثة التي تتوالي بسرعة فائقة وتضاف إلي مناهج التعليم, وهناك تكدس المعلومات, وهناك أيضا ثورة الرياضة الحديثة ولغة الكمبيوتر, وهذا كله يشكل صعوبات كثيرة علي الطالب العادي ولا يعرف ماذا يفعل, وقد أدي ذلك إلي أن نسبة كبيرة من خريجي التعليم المجاني لا يصلحون في سوق العمل.
ويمكن القول إن التعليم لم يعد كالماء والهواء خاصة ايضا بعد غزو المدارس الخاصة والدولية مصر وفي ظل عدم وجود تكافؤ بين خريجي تلك المدارس وخريجي المدارس الحكومية مع ان الدستور المصري في المادة 19 ذكر ان
( التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها )
ولكن للاسف التعليم لم يعد حق لكل مواطن لزيادة المصروفات المدرسية والدروس الخصوصية وخاصة في الفترة الاخيرة حيناما اعتمد بعض المدرسين على تأجير سنترات يتم اعطاء الدروس بها على ان يتحمل الطالب ايجار تلك السنترات ويحتسب ايجارها بالساعة حسب الوقت الذي يحتاجه المعلم في اليوم الواحد فمن الممكن ان تصل الحصة الى ثلاث ساعات وكله على قفا الطالب واهله
وهذا كله ولعدم وجود كفاءات يتم تخريجها من المنظومة التعليمية في مصر وعدم مواكبة العملية التعليمية في مصر للتقدم التكنولوجي وعدم تدريس مواد اللغات في المدارس الحكومية يتم الاعتماد على كفاءات كثيرة من خارج مصر في سوق العمل ولعدم ربط التعليم بما يحتاجه سوق العمل في مصر
كما ان انهيار التعليم الفني والمهني له اثر في عدم التقدم الصناعي في مصر حيث لا يتم التدريب الجيد لطلاب التعليم الفني والمهني وعدم الاعتماد على كفاءات صناعية مدربة للتعامل مع هؤلاء الطلبة وعدم تدريب الطلبة بالتعليم الفني والمهني داخل مصانع وشركات حسب الحرف التى يتم تدريبهم عليها وايضا عدم ربط التعليم الفني والمهني بأحتياجات سوق العمل مما يجعل وجود كفاءات في مصر في المجالات العديدة نادرة جدا بالرغم من ان المادة 20 من الدستور ذكرت
( تلتزم الدولة بتشجيع التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى وتطويره، والتوسع فى أنواعه كافة، وفقا لمعايير الجودة العالمية، وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل)
وللاسف حدث انهيار ايضا للتعليم الجامعي في مصر وذلك لربط الدراسة بالجامعات حسب المجموع وليسى حسب ميول ورغبة الدارس وايضا لاختلاف الثقافات بين الطلاب بالتعليم الجامعي الذي يجمع طلاب المدارس الحكومية مع طلاب المدارس الاجنبية والدولية وبسبب وجود جامعات دولية ايضا تعمل بمناهج علمية وتكنولوجيا افضل مما يتم تدريسه بالجامعات الحكومية بالرغم من ان المادة 21 من الدستور المصري ذكرت ( تكفل الدولة استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفير التعليم الجامعي وفقاً لمعايير الجودة العالمية، وتعمل على تطوير التعليم الجامعى وتكفل مجانيته فى جامعات الدولة ومعاهدها، وفقا للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم الجامعى لا تقل عن 2% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتعمل الدولة على تشجيع إنشاء الجامعات الأهلية التى لا تستهدف الربح، وتلتزم الدولة بضمان جودة التعليم فى الجامعات الخاصة والأهلية والتزامها بمعايير الجودة العالمية، وإعداد كوادرها من أعضاء هيئات التدريس والباحثين، وتخصيص نسبة كافية من عوائدها لتطوير العملية التعليمية والبحثية.)
ومع هذا لا يتم تطبيقها وهناك العديد لا يستطيعون تحمل المصروفات الجامعية حتى في الجامعات الحكومية
وبسبب انهيار المنظومة التعليمية نجد ان هناك تزايد في معدلات الجريمة والارهاب وذلك لعدم وجود وعي لدى الشباب وعدم وجود تنمية حقيقية يمكن استغلالهم فيها لرفع المستوى الاقتصادي للبلاد
للاسف جميع المشكلات التى نعانيها في مصر سببها الرئيسي انهيار المنظومة التعليمية ولهذا يجب ان تشكل لجنة من الخبراء المعنيين بالتعليم في مصر لمناقشة كيفية النهوض بالتعليم في مصر وربطه بسوق العمل والعمل على وجود شباب قوى يكون قادرا على انشاء منظومة تنموية حقيقية في مصر