انتهي عام ٢٠٢٠ كان بمثابه الحجر الثقيل علي صدورنا جميعاً، أملين ان ينتهي معه كل ألم وضيق ونعود لسابق حياتنا وطبيعتها،لكن مشيئه الله لم تسمح بذلك ومرت السنه وعبر هذا اللعين معنا لسنه جديده ، نعاني من نفس الخوف الذي يصيب النفوس ويشتت العقول .الذي يؤدي إلى إيقاظ الرغبه في البقاء لدى الإنسان، التي يتراجع معها صوت العقل والقدرة على التفكير المتزن فيما يدور حوله، وتسيطر عليه. الأزمة التي سببها وباء فيروس كورونا اصبح القضيه الأولى التي يتابعها الرأي العام في كل دول العالم بشكل بومي .فالبعض ركز على الآثار السياسية ،والبعض ناقش الآثار الاقتصادية ، والبعض الأخر انتباهه علي مستوى النظام العالمي والتوازن الدولي وتوزيع القوة والنفوذ بين الدول الكبرى. و رغم اهميه كل هذه النواحي من الازمه إلا إنه يجب إلقاء الضوء علي ناحيه هامه وهي .. الانسان العادي وتأثير الازمه علي نفسيته وحياته داخل حوائط بيته ، هذا الوباء حطم العالم الداخلي الخاص بملايين البشر، وادي لإنهيار أحلامهم وأفقدهم التوازن النفسي. فهناك الكثير من طلاب الجامعه تأجلت احلامهم و ملايين من العمال والموظفين فقدوا وظائفهم. وهناك أيضا من كانوا عالقين خارج بلادهم . كل هذا خارج نطاق الحياه المعتاده للانسان الذي استيقظ فوجد هذه الحاله تسيطر علي حياته وتتحكم وتغير كل انظمته الحياتيه. فالإنسان يخضع اليوم لإجراءات لم يتعرض لها ، والتي هي أكثر صرامة لشراسه الوباء . فهذه الإجراءات أكثر شمولاً من حيث عدد الناس وعدد الدول والمدة التي تستغرقها. إجراءات عزل أو حجر صحي، والتزام في المنازل ومنع او تحديد التجوال في الشوارع، والتباعد الاجتماعي. انها إجراءات بالتأكيد ضروريه وينبغي الالتزام بتطبيقها ، واهتمام السلطات بمراقبة تنفيذها. ولكن علينا إدراك أنها مخالفة للطبيعة البشرية، فالإنسان اجتماعي بطبعه. حياته تدور في إطار التفاعل مع الآخرين سواء في الأسرة واماكن العباده وأماكن العمل والنوادي والمقاهي .فنجد الكثير من التذمر والمعارضه والتمرد وتختلف مقاومه الافراد لهذه الضغوطات حسب قدراته من التحمل والثبات النفسي وكيفيه تخطي الازمه بتغير إتجاهات تفكيره والتكيف مع الوضع وصرف الذهن لاشياء مناسبه للحاله الجديده. وباء كورونا القاتل المستبد وما فرضه علي البشريه كان سببا فى انقلابات نوعية فى حياة الأفراد والمجتمعات كان بمثابه مولد عالم جديد تحكمه اسس جديدة، هي التى وضعها الفيروس الشرس ، سواء عبر التباعد، أو الإغلاق أو تحديد الحركه أو منعها نهائياً. الانسان يعيش هذه الحالة من الخوف الدائم بسبب الأخبار التي تحاصره طول الوقت بشأن عدد الإصابات والوفيات، الاحساس المستمر انك الضحية القادمة لهذا الفيروس القاتل او احد احبائك يزيد من حالة الخوف، هذا الخوف الذي يؤدي الي الإحساسه بأنه يقي نفسه من عدو مجهول متواجد حوله في كل مكان وفي كل وقت. أصبح كل شخص هو عدو محتمل له وناقل المرض ، بات القلق والشك حتمي في الأشخاص الذين لا يعرفهم ومضطر للتواجد معهم في نفس المكان . هذه الجوانب النفسية والانسانيه لما يحدث في العالم اليوم علينا إدراكها، لأنه لا أحداً علي الإطلاق يعرف كم ستستمر هذه المحنه، ولا حجم النفوس المتأذيه والضحايا التي يتركها،ولا كيف سوف تنتهي، ولا متي ستنتهي ، لا يوجد إجابات لهذه الاسئله،ولا شيء مؤكد ولا نتيجه واضحه. ومازال الفيروس القاتل قاهراً ودكتاتور متعجرف يفرض قواعده على العالم دون رحمة، فعدم الالتزام بها كان باهظ الثمن لدرجه لم يتخيلها او يتوقعها احد ، سواء على مستوى الأفراد أو الدول، فهل كان يتصور احد أن تقف أمريكا عاجزة أمام فيروس لا نراه بالعين ليحصد لديها الألاف من الوفيات،وان تقدم الصين مساعدات لأوروبا لمواجهه الفيروس عجزت المستشفيات وامكانياتها معه عن استيعاب الضحايا؟. ستظل قواعد كورونا المستبد هي النظام الجديد لحماية المواطنين ، والتباعد سيصبح هو السمة الحاكمة للعلاقات ، وتصبح "الكمامة" علامه ورمز الالتزام والحمايه للافراد والوطن .