شهوات الدنيا ومعاملات المصالح

شهوات الدنيا ومعاملات المصالح

أصبح الشعار السائد اليوم إلا ما رحم ربى ، مصلحتي الشخصية فوق كل اعتبار، ولكن كم هو من مبدأ قاصر النظر، عديم الإحساس، أناني، هل المصلحة الشخصية تهدم كل القيم الإنسانية النبيلة والتربية الحسنة ، فهذا هو الواقع وهذا هو التوجه، ولكن هل سيأتي اليوم الذي تعود به العلاقات الشخصية كما كانت منذ أربعة عقود أم تسوء؟ ومنْ المسئول عن هذا التوجه في المجتمع؟

وكيف نصحح هذا المفهوم الخاطئ؟ هل المدرسة أوالجامعة أوالمسجد أوالأندية الرياضية أوالحي أومكان العمل جميعاً والمزيد لهم أدوار كبيرة في التثقيف والتلطيف في محاولة القضاء على العلاقة تنتهي بعد انتهاء المصلحة.

فالحب والبغض من طبيعة الإنسان، ومن صفاته المتأصلة، ولن يخلو إنسان من حب أو بغض، وفي الغالب يُسَيْرُ الحبُ والبغضُ النفسَ، فتصدر الأعمال والأقوال تبعاً لهما ، فالحب يورث الائتلاف والمودة، والتعاون والرحمة، فتسعد الجماعات والأمم والأفراد ، وأما البغض، فيورث القطيعة والهجر، والفرقة والاختلاف والقسوة، فتفترق الجماعات والأفراد، وتفسد علاقات الأمم.

ولما للحب والبغض من أثر على الأمة وضع الإسلام لهما ميزاناً، وحدَّ لهما حدوداً، حتى لا يشقى الناس بين حب أعمى وبغض عقيم ، فالميزان الحق أن يكون حبك وبغضك لله، تحب المؤمنين ولو خالفوا رأيك، وتبغض الكافرين المفسدين ولو وافقوك أحيانا ، والحب في المجتمع الإسلامي دافعه الإخلاص لله وحده لا شريك له، لا المجاملة الكاذبة والرياء، ولا المصالح الدنيوية.

ولكن هل انتهت الصداقة الحقيقية بين الناس وتحوّلت إلى صداقة مصالح؟ وهل مبدأ صداقتي هي مصلحتي هو السواد الأعم في مجتمعنا؟ للأسف وبحزن كبير أقول نعم هذا هو التوجه العام ، هناك من يتردد بالاتصال بإنسان يعرفه منذ سنوات لكن تحت ضغط المصلحة الشخصية يقوم بذلك، إنها قمة التفكك الاجتماعي وهيمنة قيم جديدة خارج العرف البشري السوي.

وهذا التوجه خلق الازدواجية في التعامل مع الآخرين هذا أرحب به وهذا أطيقه ، ولكن ماهو الحب من أجل المصلحه ؟ فهو الحب الخادع الذي يظهر بأنه حب لشخص معين

وفي حقيقته يريد معرفة شيء معين لايستطيع الوصول له الا عن طريق هذا الشخص

وعندما يصل الى مصلحته وهدفه ينتهي كل هذا الحب .

ولكن يجب أن نعلم جيدا أن الحب يجب أن يكون فى الله ومن أعظم آثار الحب في الله عز وجل أن الله يلحق المحب بمحبوبه في الآخرة ولو لم يوازيه في العمل ، وليس الحب كلمة تقال، وإنما هو واقع يعيشه المحب لحبيبه، يورث نصحاً وإرشاداً، وبذلا وعطاءً، وتضحيةً وإيثاراً، وتفقداً ودعاءً، إنها معانٍ عظيمة تظهر بين المتحابين، ولهذا لما كان هذا العمل عظيماً كان الجزاء عليه كبيراً من الرحيم الرحمن؛ بأن يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله .

وهناك سلبيات لهذا الحب أو الصداقه من حب المصالح ، وأول سلبية لهذا الحب هو تحطيم كل الصور الجميله التي عاشها الانسان المخدوع اثناء فترة هذا الحب أو الصداقه ، والصدمه التي قد يتعرض لها الشخص اثر اكتشاف انه تم خداعه والتلاعب بمشاعره ويتفاوت حجم هذه الصدمه من شخص الى آخر، وكذلك الندم على كل ماقدمه هذا الشخص من تضحيات لهذا الحبيب أو الصديق المخادع .

وتتولد عدم الثقه بالاشخاص الآخرين ، ويتم تكوين فكره سيئه وصورة مشوهه لكل من يحاول الارتباط او القرب من هذا الشخص المخدوع ، ويعتقد بأن كل الناس كاذبين ومخادعين ، ويجب أن نعلم أن المصالح العامة، والمصالح الخاصة من العبارات التي يكثر استخدامهما في المجتمعات الإنسانية، وهي من لوازم الحياة، فلكل نوع مجاله، وحدوده، وربما المعروفة لدى الكثير من أفراد المجتمع .

وخصوصاً أصحاب البصائر النيّرة، والرؤى المعتدلة، وإذا عَرف كل إنسان مسؤولياته، وواجباته انتظمت الحياة، أما إذا قُدمت المصالح الخاصة على المصالح العامة، فهنا تكمن المشكلة، وتتعالى الصيحات بالإصلاح ليتحقق للمجتمع استقراره، وتقدمه، ورقيه.

اذا لقد اتضح أن المصلحة باتت هي الأساس في العلاقات بين البشر انفسهم ، فهناك من يصادقك لمصلحة ما ، و هناك من يحميك أو يدعي ذلك من أجل غاية ما ، و حتى يصل الأمر الى الحب الذي هو في أساسه مصلحة مشتركة بين الناس ، وقد نفسر هذا الامر على انه ربما حب الظهور او الشهرة ، وكسب رضا وقبول الناس ، وكل ذلك من أجل تحقيق هدف ما .

الكلمات المفتاحية شهوات الدنيا معاملات المصالح

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التعليقات

ضعي تعليقَكِ هنا

التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;