تكملة لما بدأناه فى الماضى القريب من سرد أسباب ومسببات فتح الإسلام لأسبانيا نكمل اليوم ما تيسر لنا من هذه القصة الرائعة الوصل والوصال والذى حمل لواء الفتح فى طلائعه الأولى جيش تألف فى معظمه من البربر الذين كانوا من سكان شمالى أفريقيا وهذا يؤكد في حد ذاته حقيقة هامة وهى أن إنتشار الإسلام لم يكن حركة فتوحات أو غزوات يقوم بها العرب تكوين مملكة سياسية شاسعة يسودها جنس واحد وإنما كان في الواقع حركة إستيقاظ تمتد من شعب إلى شعب كأنها أمواج يدفع بعضها بعض فلا يكاد الإسلام يقبل علي بلد حتى يستيقظ أهله ويهبوا ليحملوا رأيته بأيديهم فقد فتح عرب الجزيرة الشام والعراق ومصر ثم إنتقلت الراية إلى الشام ففتح الشام المغرب والأندلس وكان العرب يقومون في تلك الحركة كلها بدور الدافع الأول أو المحرك الأول فلا تزال هذه الشعوب تنظر إليهم وتلتفت بقلوبها نحوهم لا علي إعتبار أنهم رمز الحركة كلها فصاحب الدعوة ورسولها عربي وكتاب الدعوة دستورها عربي والمثل الأخلاقية التى أدت إلى النصر عربيه... شغل العرب في بداية أمرهم بتوطيد دعائم الفتح ودفع حدوده وفلول القوط أخذه فى التراجع إلى حيث لا يستطيع العرب الوصول إليهم وتجمعت القلة الباقية فى منطقة جبلية وعرة من شمال أسبانيا تسمي أشتورياس تعيش علي ما تشتاره من عسل فى شقوق الصخور وهذه القلة هى التى سيكون لها في التاريخ دور أى دور. وإستطاع العرب أن يبقوا في الجزيرة روحآ جديدة من الأمل والحياة. ففى أقل من أربعة عشر شهرآ تمكن العرب من أن يقضوا علي مملكة القوط تمامآ وفى أربعة وعشرين شهرآ وطدوا سلطانهم ما بين البحر الأبيض المتوسط وجبال البرانس. ولا يذكر لنا التاريخ مثلآ أخر يشبه هذا المثل الذى اجتمعت فيه السرعة والكمال والروسوخ وقد كان يظن في البداية أن الفتح العربي إنما هو غزو مؤقت ولايتوقع أن يكون إحتلالا دائمآ وتوطيدآ لحضارة ولكن لما إستقرت الجماعات المحتلة وفتحت الثغور للتجارة وأقيمت المعاهد أدرك القوط أى خطب نزل بهم ثم إن عدل الحكام الجدد خفف عليهم ألم الهزيمة وكان دفع الجزيه يضمن لأقل الناس الحماية الكاملة كما كان يسمح للنصرانى المتعصب بأن يستمر في أداء شعائر دينه ويسمح للمارق الملحد أن يجاهر بأرائه دون أدنى خوف. هذه هى سماحة الإسلام المعتقد القويم الصالح لكل الأزمان وللحديث بقية إنشاء الله . خير أمة أخرجت للناس