أطفال فى الكوشة

أطفال فى الكوشة

إنتشرت على مواقع التواصل الإجتماعى ظاهرة غريبة ألقت بظلالها على المجتمع المصرى فى الآونة الأخيرة هذه الظاهرة تعد من الجرائم التربوية والأخلاقية، التي تتسبب في انتشار الجهل والإنحطاط الفكري في المجتمع المصري وهى ظاهرة خطبة وزواج الأطفال من الجنسين وإقامة حفلات للتباهى بإتمام هذه الزيجة الغير مقبولة دينيا ولا مجتمعيا ونشر مقاطع فيديوهات وصور لحفلات الخطوبة والزواج لهؤلاء الذين تراوحت أعمارهم مابين العشر سنوات وحتى الخامسة عشر سنة ويظهر من خلال تلك الفيديوهات هؤلاء الفتيات والفتيان يرقصون ويغنون وهم فى كامل زينتهم كالكبار وسط بهجة وتصفيق من الحضور. وتتكرر المشاهد الغريبة التى تثير الدهشة والأستنكار عبر وسائل التواصل الإجتماعى .. فهذا طفلا صغيرأ لايتعدى عمره الاربعة عشر عاماً يجلس على كرسى العرس ووضع تحته وسادة لرفعه ليتمكن من الجلوس بجوار عروسته التى لاتتجاوز هى الأخرى سن الثانية عشر عاماً وسط فرحة عارمة من الأهل والأصدقاء وكأنهم يسنون ديناً جديداً .. وأخر يرقص مع عروسته الطفلة التى لايبدو على ملامحها أو تكوينها الجسدى أى ملامح للنضوج ثم يحملها ويلف بها مقلداً لما رأه فى مشاهد العرس التى حفرت فى ذاكرته الصغيرة حينما كان هناك مجرد ضيف. عجباً .. كيف لهؤلاء الصبية أن يكونوا أزواج وهم فى هذه المرحلة العمرية وكيف سيتحملون مسؤلية بيت وأسرة وأولاد فى الطريق اليهم هذا ان استطاعوا ممارسة حياة الازواج الطبيعية وكيف يصدقون اهاليهم أن هذا زواج بالفعل لدرجة أنهم يقيمون الأفراح ويعلقون الزينات ويجمعون من الاهل والاقارب القريب والبعيد ليشاركونهم هذا الحدث التاريخى من وجهة نظرهم. والأعجب أن هذا يتم تحت سمع وبصر المسئؤلين المصريين ولايستطيعون مقاومته فالقانون المصرى حقاً يمنع زواج القاصرات، وحدد السن القانوني لزواج الفتاة عند 18 عاماً،لكن ماذا سيفعل أمام تحايل الأهالى الذين يزوجون أطفالهم عرفياً قبل وصولهم للسن القانوني، أو يقوم بعض المأذونين ضعاف النفوس بتزوير أوراق وشهادات هؤلاء الأطفال لتزويجهم، ومنحهم عمرا أكبر من عمرهم الحقيقي، حتى يكون الزواج رسميا وقانونيا. نعم القانون يجرم مثل حالات التزوير فى الأوراق الرسمية هذه لكنه لايجرم الزواج نفسه فالزوجان هنا وهما الأطفال لا يعاقبان على زواجهما، بل يعاقب المأذون على التزوير. زواج الأطفال لايجب السكوت عنه لانه يعتبر كارثة مجتمعية يجب التصدى لها لانها سينتج عنها مشكلات كبيرة أبرزها أن الزوجين لم تكتمل لديهما المدركات النفسية ولم تصل للقدر الكافي الذي يؤهلهما للزواج، وتحمّل تبعاته وأعبائه، وبالتالي لا يكون لديهما الفهم السليم لمعنى الأسرة، وإنجاب الأطفال ورعايتهم، وعندما تنجب هذه الأسرة أطفالا فمن المؤكد أن هؤلاء الصغار لن يحصلوا على الدعم النفسي والاجتماعي الواجب من والديهما، كما أن هناك مشكلة أخرى وهى المشكلة الأقتصادية فالطفل الزوج ليس قادرا ماديا على الإنفاق على أسرته، ويظل معتمدا على والده، ومن هنا تنشأ المشكلات وتتحول الأسرة الصغيرة لأسرة تابعة وليس أسرة مستقلة وبالتالى فهذا الزواج سيؤدى إلى ارتفاع معدلات الطلاق نظرا لعدم استقلالية الزوج الطفل ماديا واحتياجه لوالده أو والدته يجعل الأخيرين يسيطران على القرار في المنزل، وعليه يجب أن تخضع الزوجة الطفلة وتنصاع لتلك القرارات، وهو ما يتسبب في إثارة المشاكل التي قد تؤدي للانفصال والطلاق. لايمكننا أن نحمل الأطفال مسئؤليه هذا الزواج لأنهم بحكم الدستور والقانون والأعراف أطفال بل كل المسئؤليه تقع على الأب والأم هذا الى جانب المأذون المزور فى الأوراق الرسمية وأى أشخاص أخرين يحرضون على هذا الفعل. لذا لابد ان يكون للأزهر الشريف وقفة مع مثل هذه الظاهرة وتوعية المجتمع لخطورتها ويجب ايضا على البرلمان ان يعد تشريعا يحد من الزواج فى هذه السن المبكرة ويجب تحميل الاب والام المسئؤلية وكل من يحرض على فكرة الزواج المبكر وعدم اقتصار العقوبة على المأذونين فالكل مسئؤل سواء كانت الاسرة او رجال الدين ويجب التصدى الى مثل تلك الظواهر التى تؤثر على الامن الاجتماعى فالزواج المبكر يمثل خطورة على المجتمع لانه يتكون من اب وام لايمتلكان الخبرة الكافية لتربية الاجيال القادمة الناتجة عن هذه الزواج مما يعنى خلق جيل فاشل ضعيف غير قادر على تحمل المسئؤلية. كما لابد من وجود دور أيضا لمؤسسات المجتمع المدنى بهدف توعية المواطنين وتبنى تغيير ثقافة المجتمع تجاه قيمة المسئولية والعمل وبناء أسرة، هذا بالإضافة إلى ضرورة وجود دور تشريعى لمواجهة هذه الظاهرة من خلال تغليظ العقوبة على الأم والأب والزوج، على أن يتم وضع مظاهر الخطوبة للأطفال في إطار المحاسبة القانونية.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;