رحلة عبر أفاق الزمن

رحلة عبر أفاق الزمن

ارحل عبر افاق الزمن لأركب مركب الأيام وافرد شراع الذكريات واغوص في عالم مضى، لكنه محفور بداخلي لم تستطيع الأيام أن تمحو أثارة أو تخفيها.
اذهب اليه كلما اردت الرحيل بعيداً عن نفسي، نفساً خلقتها الأيام ودعمتها الظروف، ورسمت ملامحها الاقدار.
ليس هروباً من حاضر قاس جاف، ولا كراهية له، ولكن حنين إلى رائحة أمي؛ إلى الأمان في صدرها، إلى بيت كل ما فيه يحتضنني؛ لنصائح أبي رغم انه فارق عالم الاحياء؛ لكن كلماته تعيش بداخلي؛ اسمعها احسها؛ اشم أنفاسه بها، أحس بصدره يضمني؛ وقيمه تشدني؛ إلى ضفائر عبث بها النسيم، وبعثرتها الرياح، لتحررها من كل القيود، ولكن ما أجمل العودة إلى تلك القيود، لان من غزلها هو الحب، وحاكها الحنان، حنان بلا ثمن؛ بلا مقابل، اشم رائحة طعام امي!! نعم طعامها الذي تطهوه حرارة قلبها، التي يشعلها خوفها على أبنائها، ليتحول حبها وحنانها إلى طعام، يسد جوعهم، ويشبع حاجاتهم إلى الأمن والأمان، ويملأ نفوسهم دفء، وقلوبهم قوة؛ لمواجهة حاضر قاسي، ومستقبل مظلم، نعم! أنه الحنين ليد تلملم شعري، تغزل ضفائره، وتحيطه بشريطة من الأمل، ليتحول إلى نور يضيء ظلمة المستقبل، مهما حاولنا النسيان! وسيرنا بخطوات سريعة؛ ثابته، نحو مستقبل لا مفر منه! مدروس؛ لكن مخيف، لان العقل من يديره، والعقل محدود، والرؤيا معتمه، يملأه الانتظار، القلق، ولكن دائما على يقين بأن الله سبحانه وتعالى سيسدد خطانا، وسيجعل لكل مجتهد نصيب، وعندما يطول بي الطريق، أو أشعر بالغربة، أفر إلى أياما خوال، ذكريات يملئها الدفء، حفرت في أعماقنا، رسمت صورا بعيوننا، تساعد في تخطيط مستقبلنا، ولا يستطيع أحد تغير ملامحها، حتى إن أراد ذلك! فعلينا أن نغير أنفسنا اولاً، أن نعيد رسمها من جديد، فمن منا يستطيع رسم نفسه من جديد؟ وبأي ريشة يرسمها؟ وأي وجه سيختار؟ الوجه المربع الذي يدل على القوة، والقدرة على الاقناع، أم الرفيع الذي يتمتع صاحبه بالشفافية، والاحساس العالي، أم الدائري حيث يستطيع التأقلم مع الحياة، وما فيها من متناقضات، ولعله الوجه البيضاوي الذي يمتاز بالجاذبية والتسامح. كما يعيد اختيار خيوط شعره، فيرسم خيوط ناعمه يمتاز صاحبها بالعاطفة، لعلها خشنة حيث تدل على قوة الشخصية، والقدرة العالية على التحمل، أعرف أن كلا منا سيختار الوجه المناسب للمستقبل الذي رسمه لنفسه، وسيرسم الملامح التي تساعده في الوصول إلى ما يريد. لكن أرجو أن نتذكر ونحن نرسم ملامحنا أنها زائلة، وأننا سندفع ثمن اختيارنا وأخطائنا، وأن الحياة مهما طالت قصيرة، ولن يبقى غير وجه الله فسبحان من له الدوام.

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;