لا زالت فرنسا تواجه الإرهاب بكافة الوسائل وتتعقب المشتبه بهم، حيث أدي الهجوم الدامي الذي وقع في بلدتي كركاسون وتريب جنوب فرنسا، إلي تعقب نحو 20 ألف شخص تم إدراجهم في لائحة المشتبه في تطرفهم وتحولهم إلى الإرهاب. وقال خبراء إن البلاد لا تملك الموارد المطلوبة لمراقبة جميع الجهاديين المحتملين على مدار الساعة. وأدى الهجوم الأخير في فرنسا الذي نفذه مسلح كان معروفاً لدى الأجهزة الأمنية بأنه يمثل تهديداً محتملاً إلى إعادة التركيز على كيفية تعقب الإرهابيين المشتبه بهم. ووفق تقارير إعلامية فإن وزارة الداخلية الفرنسية تملك ملفاً يعرف باسم "الملف إس" (والحرف إس يرمز إلى كلمة أمن بالفرنسية) تجمع فيه معلومات عن كل شخص يشتبه بأنه متطرف، ومن ضمنهم من يمكن أن يشكل خطراً من اليساريين واليمينيين المتطرفين. وهناك أيضاً قائمة منفصلة أو ملف يسمى "الوقاية من التطرف الإرهابي" ويختص بالأشخاص الذين يتم تقييمهم على أنهم يشكلون تهديداً إرهابياً. وفي أول مارس الجاري، كشفت احصائيات، عن قتل حوالى 300 فرنسي ينتمون لتنظيم داعش، بينهم 12 امرأة في العراق وسورية منذ 2014 بحسب معلومات إذاعة فرنسا الدولية. وكان دعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري المسلمين في المغرب العربي إلى مقاتلة الجنود الفرنسيين في منطقة الساحل الافريقي، وفق ما جاء في مقطع فيديو نشرته اليوم مجموعة سايت الأميركية لرصد المواقع المتشددة. وبلغ عدد الذين أدرجوا في ملف "الوقاية من التطرف الإرهابي" 19,745 مشتبه به بالإجمال حتي 20 فبراير الماضي، ويتضمن الملف أشخاصاً يمثلون تهديدات بدرجات متفاوتة. ووفق فرانس برس، هناك قضايا أكثر خطورة لأشخاص على اتصال بتنظيم داعش الإرهابي، و آخرين سافروا أو عزموا على السفر إلى مناطق يسيطر عليها التنظيم في العراق وسوريا، وبعد إدراج اسم المشتبه به يبقى الاسم على القائمة مدة 5 سنوات، لكن قد لا تتم مراقبته بشكل نشط خلال كل تلك الفترة. ويتضمن الملف أيضاً سجلات للروابط المحتملة بين المشتبه بهم بعضهم ببعض. ويتم تحديث القوائم باستمرار من خلال ما تبلغ عنه الأجهزة الأمنية أو عبر الخط المجاني الساخن الذي وضع في الخدمة في إبريل 2014. ووفق التقرير الذي أعدته وكالة فرانس برس، فإن معظم المشتبه بهم من أربع مناطق في فرنسا، هي المنطقة حول باريس المعروفة باسم "إيل-دو-فرانس" والمنطقة حول ليون المعروفة باسم "أوفرن-رون-ألب" في الشرق، ومنطقة "لونغدوك-روسيون-ميدي-بيرينيه" في الجنوب، ومنطقة "بروفانس-ألب-كوت دازور" في جنوب شرق فرنسا، ويظهر في الملفات أشخاص من فئات مختلفة، لكن الغالبية هم من شبان ضواحي المدن حيث تتواجد أحياء المهاجرين من ذوي الدخل المنخفض وخاصة ممن أصولهم من دول إسلامية. ووفق ما ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق، كان للغرب نصيب الأسد من المهاجرين للقتال في صفوف "داعش" خلال الفترة من أكتوبر 2014 حتى 2017، وحسب التقرير، زاد عدد الوافدين من فرنسا إلى داعش ثلاثة أضعاف، فسجل التقرير توافد 1200 فرنسيا مقارنة بـ412 في أكتوبر 2014. ومنذ تعرضها لهجمات إرهابية متتالية، كثفت فرنسا من عملياتها العسكرية الداخلية، من خلال تعزيز دور قوات وحدة مكافحة الإرهاب "سانتينيل"، التي أطلقتها عقب أحداث شارلي إيبدو في 2015، إذ يشرف عناصر من قوات الجيش على حماية المواقع والبنايات الأكثر حساسية. وأصبحت هذه القوات هدفا لعدة هجمات إرهابية، حيث سجلت الداخلية الفرنسية خلال العامين الماضيين 15 هجوماً على عناصر الجيش والشرطة، في وقت يزداد فيه الضغط على الحكومة الفرنسية. وكان خبراء الأمن حذروا لسنوات أن فرنسا لا تملك الموارد المطلوبة لمراقبة جميع الإرهابيين المحتملين على مدار الساعة، فمراقبة مشتبه به واحد تتطلب 20 شرطياً وفق أحد الخبراء، لذا يعتمد المحققون على اعتراض الهاتف أو شبكة الإنترنت لاقتفاء المخاطر الكبيرة.