أستحي أمام الله وأمام ضميري أن أكتب عن الغوطة الشرقية ومايحدث فيها من قتل ومجازر وإذلال وتهجير قسري ومآسٍ وانتهاكات وإبادة جماعية وأنا هنا في سربي آمن مطمئن ملتحف بسماء وطني حاولت عدة مرات أن أكتب عن الغوطة علي الأقل لأريح ضميري أو بالأحري لأسكنه وأقنع نفسي بأنني أديت ماعليّ من واجب ولكن سرعان ماأجدني أمزق مقالاتي من هول وبشاعة مايحدث في الغوطة وأجدني
أستحضر جملة المؤرخ الشهير (عزالدين
بن الأثير) في كتابه الكامل وهو يكتب عن فاجعة بغداد بعد سقوطها علي يد التتار بسنوات وسنوات فيقول:
(لقد بقيتُ عدة سنين مُعرضًا عن ذِكر هذه الحادثة، استعظامًا لها، كارهًا لذِكرها؛ فأنا أقدّم إليه رجلا، وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟! ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟! فياليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مِتُّ قبل هذا وكنتُ نسيًا منسيًّا )
بالفعل من ذا الذي يستطيع أن يكتب نعي الأمة" فمن يكتب عن الغوطة يستخرج شهادة أخري لوفاة الأمة.
هنا الغوطة الشرقية التي انتهكت فيها الإنسانية، وشُيع فيها ضمير العالم لمثواه الأخير في أكبر قبر جماعي عرفته البشرية، هنا رائحة الموت والدم والدمار والخراب، هنا يظهر وجه الغرب السافر القبيح الذي صدعنا بحقوق الإنسان يسقط علي أسوار الغوطة، هنا مزاد النخاسة الكبير لنساء العرب اللائي يُعرضن كسبايا لمن يدفع أكثر حتي يحصل علي خدمات الجسد العربي الأبيض الطري اللذيذ، ألادونة ألاتريه... وعفواً سيدي ففي الصالة الأخري أطفال في عمر الزهور أطفال يافعون منتقون لمن يدفع أكثر فعقد العبودية مختوم وموصوم بصك عربي لاينفك عنا أبداً، فنحن عبيد أقنان لأبناء العم سام وذنبهم الصهاينة ومن هادنهم، ألادونة ألاتريه...
عفواً دمشق سليلة المجد وصانعة الأمجاد ياعاصمة الأمويين التي استباحها تتار العصر، يامن كنتِ حاضرة الدنيا وحكمتِ العالم وكانت تخرج منكِ الجيوش الإسلامية لنشر الإسلام في كل قارات العالم لبلاد الأندلس ولبلاد السند والهند ولحصار القسطنطينية ثلاث مرات، يامن خرجت منكِ أول عملة عربية إسلامية، الآن أصبحتِ آثرا بعد عين وغدت جيوش العالم تستبيح أرضكِ وحرمكِ وتنتهك عرضك وتتكالب عليكِ الأمم كما تتكالب الأكلة علي قصعتها فنحن لم نر الواقع بعد ولم نقرأ التاريخ قط فمعظم الغزاة الذين احتلوا مصر توغلوا من حدودنا الشرقية فسوريا هي خط الدفاع الأول يليه فلسطين وأخيرا سيناء فلننظر إلي خطوطنا الثلاث التي تهاوت ودكت تحصيناتها لنعلم أن الطوفان الجارف قادم لامحالة ويطرق حدودنا بقوة ولن يُبقي ولن يذر فسوريا صارت مسرحاً لحرب عالمية ثالثة وفلسطين في قبضة الصهاينة أما سيناء فنحاول استردادها وتطهيرها من دنس وقبضة الإرهاب، ومازالنا نعيش في غيبوبة تامة نشاهد برامج التوك شو وبرامج ستار فويس وستار أكاديمي ونتابع بكل شغف التحضيرات والتجهيزات لبرامج ومسلسلات رمضان القادم ونسينا أننا أكلنا يوم أكل الثور الأبيض وأن الدور قادم لامحالة.