لكلِّ شيءٍ في الحياة ثمنٌ ؛ حتى الهواء الذي نتنفسه له ثمن ، لكن أقسى ثمنٍ ،هو ما تدفعه وأنت في الغُربة ، تعاني ما تعاني بعيداً عمن تعودت أن تعيش معه ، وعمن تراه وتأنس بوجوده ؛ كلّما دعت الضرورة ، وكذلك ،عمن تحب
تفيض الغربة بأشجانها وأحزانها أوجاعاً وآلاماً مهما اختلفت مرارتها وقسوتها فإنه لن يجدي معها شيء كدموع تتسابق في الانهمار، علّها تخمد ببرودتها جذوة الحنين وحرقة الاشتياق، حينما يشتدان بأروقة القلب، أو تذيب بحرارتها "زمهرير" البعد وصقيع الوحدة الموحشة، وسط حشد كبير من الذكريات لملامح الوجوه وروائح الأمكنة
النّاس تحسدك دائماً على شيءٍ لا يستحقّ الحسد؛ لأنّ متاعهم هو سقوط متاعك، حتّى على الغربة يحسدونك، كأنّما التشرّد مكسب وعليك أن تدفع ضريبته نقداً وحقداً.
فالغربة يا رجل فاجعة يتم إدراكها على مراحل, ولا يستكمل الوعي بها إلا بانغلاق ذلك التّابوت على أسئلتك الّتي بقيت مفتوحةً عمراً بأكمله، ولن تكون هنا يومها لتعرف كم كنت غريباً قبل ذلك؟ ولا كم ستصبح منفيّاً بعد الآن
ألم الغربه أن تعيش عمرك كاملاً بإشتياق دائم لبيتك وأسرتك
لكل مغترب نعرفه ولكل مغترب يقرأ، لكم مني كلمات تحكي حزن صاحبها المغترب. علمتني الغربة علمتني الغربة أن أنظر إلى الورد كلما ضاقت نفسي ولكنها في نفس الوقت علمتني أن أبتعد عنه … علمتني الغربة وافهمتني تلك القصة التي كنت أسمعها وأنا شاب عن الصداقة فأدركت أن للصداقة حدود أبعد بكثير من مجرد كلمات تقال .. علمتني الغربة أننا نملك أشياء كثيرة لكننا لا ندرك قيمتها علمتني الغربة أن أكتم ألمي بداخلي وإن كانت ستفضحه عيوني فلعل الإنسان الذي آلمني في تللك اللحظة ليس هو الإنسان الذي عرفته سنيناً علمتني الغربة الكثير والكثير وكان من بين ما علمتني أنها أخبرتني من أنا