ترفق بهؤلاء

ترفق بهؤلاء

منذ بضع سنوات كان هناك دكتور صيدلي يمتلك صيدلية صغيرة إلي جانب منزلنا القديم يفتحها في تمام التاسعه صباحاً ويغلقها في تمام العاشرة مساءاً هكذا كانت مواعيده ثابته ودقيقه للغايه، وكان هناك أيضا ذلك الرجل رثُ الثياب الذي يمر عليه كل يومين أو ثلاثه يطلب منه  شيئاً لله

كما يقول دائما، لقبوه العاملين هناك بالشحاذ، وفي كل مره كان يعطيه الدكتور ما يروق في سعة صدره ولين قلبه، ومع التكرار ظهر الإستياء علي العاملين حوله حتي أن أحدهم سأله ذات مره:
لماذا تعطي النقود لهذا الشحاذ في كل مره يأتي هنا لماذا لا تتجاهله وحسب؟!
ابتسم له الدكتور في رزانة واضحه ثم قال :
وهل تتمني أنت حينما تمد يدك طالبا العون من أحدهم يتجاهلك ويردك خائبا؟!
رد العامل بكل ثقه : بالتأكيد لا، ولكن ماذا لو كان هذا الشحاذ نصابا مثلا !!
رد الدكتور في تفهم: أولا أنا سأحاسب علي نيتي وهو سيحاسب علي فعلته، الله سيعطيني أجر علي نيتي الصالحه في العطاء من أجل المساعده وسيعطيني أجرا آخر ان كان هذا الرجل نصابا لأنه سيكون ظلمني، ثانيا ان كان حقا نصابا لكان توسل لي كثيراً وتضرع وبكي وفعل كل الأمور التمثيليه التي يجيدها الكثيرون لكنه يطلب بعزة نفس أعجبتني في جملة واحده شيئا لله 

كأن هذا الشئ ليس له، وأتمني من الله أن ينقذني عندما اكون بحاجه للمساعده ..

مرت الأيام ومرض الدكتور بفيرس نادر لم يتوصل أحد لعلاجه ومع ازدياد تعبه فضل قضاء آخر أيامه في منزله و أغلق صيدليته..

وذات يوم دق الباب فتح الدكتور ليجد الشحاذ أمامه، تعجب في بداية الأمر لكنه رحب به واستضافه، عجل الشحاذ بقوله: اندهشت من اختفائك المفاجئ فسألت عنك بعض المقربين وأجابوا بأنك مريض، خيراً بماذا تشعر ؟!
حكي له الدكتور آسفا علي مرضه النادر الذي أصابه بخيبة من عندم وجود علاج له.
تأثر الشحاذ ودعي له بالشفاء العاجل ثم ذهب..

بعد خمسة أيام عاد الشحاذ مرة أخري لزيارة الدكتور، تعجب الدكتور لثواني معدوده ثم رحب به وسرعان ما بادر الشحاذ قائلاً: لقد سألت كثيراً عن مرضك وتوصلت إلي نوع من العلاج الطبيعي أتمني أن يجدي نفعاً معك، ثم أخرج من حقيبته إناء زجاجي وواصل قائلاً: هذا نوع فريد من العسل الأبيض ستأخذ منه ثلاثة ملاعق يوميا علي كوب من الماء الدافئ صباحاً علي معدة فارغه حتي تشعر بتحسن وسأدعو لك بالشفاء العاجل ..
شكره الدكتور في امتنان شديد علي اهتمامه الطيب، حاول ان يعوضه عن ذلك ببعض النقود لكن الرجل رفض بشدة واضحه وصافحه قبل ذهابه..

ربما لم يهتم كثيراً بما قاله الشحاذ أو ان هذا الشئ سيجدي نفعاً، لكنه علي كل حال استسلم لنهاية المطاف فلما لا يخوض التجربه !!

مر ستة أشهر وهو يتناول تلك الوصفه حتي شعر أن شيئا بداخله يتحسن وأن مناعته تزداد بمرور الوقت فذهب إلي اجراء بعض الفحوصات ليندهش بالنتائج أنه خالي تماما من الفيرس، امتلئت عيناه بدموع الفرح فحمد الله كثيراً وشكر نعمته التي مٓن عليه بها في الشفاء من كل قلبه، ثم ذهب إلي عنوان الشحاذ ليخبره فرحا بالشفاء وشكره بكل حب علي كل ما فعله من أجله ..
هكذا رجع إلي حياته الطبيعيه وفتح صيدليته التي اشتاقها كثيراً في فترة غيابه، وروي قصة مرضه للعاملين معه الذين أصيبوا بذهول عارم عندما عرفوا أن الشحاذ كان بطل قصة العلاج ورحلة الشفاء..

أيام ومر الشحاذ علي الدكتور في عمله ناظراً له بابتسامة عطوفه ثم قال: شيئاً لله. 
رد الدكتور بيد مغلقه معطيا الشحاذ شيئا في يده قائلاً بكل حب : تفضل ياصديقي العزيز ..

الحياه مليئة بالحب إذا استطعت فهم كيف يكون العطاء، كالمثل الذي يقول ( افعل الخير وارميه إلي البحر وسيعود إليك مضاعفا )، الشخص الذي يجود علي الآخرين ويقدم يد العون لهم ويترفق بهم في رحمة وعطف ثم يحتسب كل ذلك عند الله بدون انتظار مقابل من احد، كن علي يقين ان الله سيرده له اضعاف مضاعفه وخاصة في تلك الاوقات التي يغلق العالم ابوابه امامك ويبدو مظلما جدا، هنا تأكد بشكل او بآخر ستصيبك رحمة الله لأنك كنت عونا لاحدهم في يوم ما..

ترفق بهؤلاء الذين يطلبون منك المساعده دائما ففي عونهم نجاتك من المهالك ..

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;