دائما ما كانت تسأله إلي أي مدي تحبني
ودائما ما كان يجيب: أحبك إلي المالانهاية
ربما في كل مرة تعيد السؤال كانت تنتظر إجابة مختلفة أو ربما لم تكن تعرف المعني الحقيقي لللانهاية.
اهتم هو بكل تفاصيلها حتي أبسطها التي لا يكترث لها أحد كطريقة ارتشافها أول رشفة للقهوة حيث تصدر صوت (أمممممم) حينها يعرف أنها كانت تحتاجها بشدة .
يتأمل عيناها الشارده بعمق في تلك اللوحة المعلقة في معرض المدينة، اللوحة التي لم يفهم منها شيئاً علي الاطلاق والتي عبارة عن مزيج من خطوط وألوان متداخله، لكنه وبرغم ذلك كان يعرف أنها لوحة مميزة جداً لتحوز علي كل هذا الاعجاب منها.
وطالما أحب طريقة تناولها السريعة للأكل التي تبديها كطفلة وتلك اللحظات الحماسية حين اشتهائها الآيس كريم .
كان يفهمها أكثر من نفسها، ويحبها كما لو كانت هي العالم بأكمله.
ذات مرة سألها عن أكثر شئ تفتقده ؟
شردت للحظات واسعة ثم قالت بصوت يغلبه الحنين: أفتقد رؤية أبي وهو يرسم لوحاته العميقة المليئة بالمعاني داخل خطوطها المرسومة بدقة، أنا حقا أشتاقه، لا أعلم لماذا أضاع الطريق إليّ بكل هذه البساطة بسبب مشاجرة سخيفة مع أمي، أتمني لو أراه مجدداً كي يخبرني هل مازال يهتم لأمري بعد كل ما مر من أعوام.
ثم وقفت بجوار النافذة التي كان يتساقط الثلج أمامها في منظر يجمع بين البرودة والجمال ونظرت بعينان حزينه تحبس الأنفاس ويكاد الوقت يتوقف عندها.
أما هو فقد احتضنها بعيناه قائلا بحب: وأنا أيضا أتمني أن تلتقي به مجددا .
بعد مزيد من الأيام حان الاحتفال بعيد مولدها، وأراد هو أن يجعله يوما مميزا في حياتها حتي أنه أحضر لها هدية خاصة فقرر أن يحتفل به في منزلها القديم الذي يحمل كل ذكرياتها، وفاجئها بذلك.
أخذها إلي هناك حيث الأنوار المبهجة والزينة المختلفة والموسيقي الهادئة وأغلب محبيها والمقربون من صديقاتها، لقد صرخت من هول سعادتها بتلك الأجواء الغاية في الدفء والحب والبهجة .
وبعد دقائق لاحظت من بعيد أن حديقة المنزل زُينت بأنوار هادئة توجهت إليها ثم وقفت علي باب الحديقة تتأملها حتي وقعت عيناها علي أبيها وهو جالس علي كرسيه المعتاد يرسم لوحة جديدة، ظلت ثابتة للحظات تحدق بعيناها من دهشتها الشديدة ثم مشت إليه بخطوات حذرة حتي وضعت يدها مترددة علي كتفه كأنها تريد أن تلمسه لتعرف هل هو حقيقي ؟
فوجدته يضع يده علي يدها رابتاً عليها برفق ملتفتا إليها بابتسامة تعوض أعوام مضت، ثم وقف أمامها معتذرا آسفا علي كل هذا الغياب وأنه بحث كثيراً عنها ولم يستطع أبدا ايجادها تاركا دمعتان هربا من عينيه خلسه، فارتمت هي في حضنه متشبثه بثيابه وكأن لا يوجد كلمات تستطيع التعبير بها عن كل هذا.
حتي أفيقت علي صوت تصفيق حاد وما إن إلتفتت حتي وجدت أن جميع الحاضرين كانوا يراقبون الموقف من بدايته، فبادر أبيها مشيراً إلي خطيبها قائلا: هذا الرجل يحبك كثيراً لقد فعل الكثير من أجل هذه اللحظة وحتي نجتمع سوياً.
ردت هي في خجل: وأنا أحبه كثيراً يا أبي.
فضحك أباها عالياً وأخذ الاثنان محتضنا إياهم بين زراعيه شاكراً الله علي تلك اللحظة التي انتظرها لأعوام.
ستجد الحب أينما ذهبت لكن من النادر جدا أن تجد من يغوص إلي داخل أعماقك باحثا عن الشئ الذي ينقص روحك وينيرها إن إكتمل .
أَدِرْ قلبك في الأرجاء وأبحث عن هذا الشخص جيداً وإن وجدته غلفه بروحك وأغلق عليه داخل عيناك بإحتواء وتمسك به إلي المالانهايه..