غزوناهم عندما أنسيناهم تاريخهم وشكننا في رموزهم، بالفعل كانت حملة تشكيك شرسة وممنهجة بدأت بالتشكيك في الإمام البخاري وصحيحه وانتهت بالتشكيكِ في وطنية الإمام الشعراوي مروراً بيوسف زيدان الذي شن حملة ضارية علي السلطان صلاح الدين الأيوبي والقائد أحمد عرابي ووصفهما باللصوص وقطاع الطرق.
أنا ضد الحسبة وضد محاكم التفتيش يا سيدتي ولست من هؤلاء الذين يصادرون علي حرية الرأي والتعبير ومن وجهة نظري لا أحد فوق النقد ولكني أؤمن بالنقد الموضوعي البناء القائم على أسسٍ علمية وليس النقد القائم على الحب أو الكراهية أو لمجرد الشهرة والشو الإعلامي أو للتشهير. أؤمن بالرأي والرأي الآخر كما أؤمن أن حريتي تنتهي عندما تتعارض مع حرية الآخرين. أتفق مع مقولة الإمام الشافعي "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطاء يحتمل الصواب "ومقولة الإمام مالك بن أنس كل يؤخذ ويرد عليه إلا صاحب هذا المقام وأشار لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم، حتي رسولنا الكريم صلي ألله عليه وسلم وأحاديثه النبوية الشريفة لم يسلما من تطاولكِ. كما أعشق مقولة فولتير "أنا علي استعداد أن أدفع حياتي ثمناً لإبداء رأيك" أليست هذه هي المدرسة الفرنسية التي تؤمنين بها وتعتنقين أفكارها الليبرالية يا سيدتي؟
نَعلم أنك تنتمين إلي المدرسة الناصرية ومن مريدي وأتباع الزعيم جمال عبد الناصر ونحن كذلك ولكنكِ لا تطيقين نقداً يوجه لجمال عبد الناصر وتقفين بالمرصاد لكل من تسول له نفسه العبث بتابوهكِ وبمقدسكِ وحرمكِ الناصري كما فعلتِ مع عمرو موسي ونسيتي أوتناسيتي أنك تُعَرفين نفسكِ دائماً بأنك ليبرالية حتي النخاع هذا مع الرمز السياسي الذي نتفق وقد نختلف معه وعليه فمابالك برمزنا الديني الذي تشككين في وطنيته؟ ما كل هذه الكراهية وهذا الحقد الأعمي وهذا العداء للإمام يا سيدتي؟ وكيف كان إمامنا الشعراوي سبباً في خراب مصر وفتنها؟ ولم الآن تذكرتِ رواية سجود الشكر التي مر عليها نصف قرن؟ ولم آثرتها بعد وفاته دون حياته وقد عاصرته؟ بنيتي اتهامكِ يا سيدتي علي أساس ضعيف وخيطٍ واهٍ فالإمام يا سيدتي سجد لله شكرا لأن المؤمن الحق يجب أن يشكر الله في السراء والضراء فمن هذا المنطلق سجد لله شاكراً لا شامتاً في وطنه ولافي رئيسه. وبالرغم من أن الإمام الشعراوي كان يختلف مع الزعيم جمال عبد الناصر ويأخذ عليه تعاونه مع الكتلة الشيوعية لكنه بعد خلاف مصر الشهير مع المملكة العربية السعودية وقرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لبعثة الأزهر بالمملكة بالعودة الفورية لمصر وكان إمامنا الشعراوي ضمن هذه البعثة، عرضت عليه المملكة شيكاً علي بياض وتركوا للإمام تحديد الرقم الذي يناسبه حتي لا يعود مع البعثة المصرية ويستمر بالعمل في المملكة ولكنه رفض هذا العرض السخي الذي لم تقدمه المملكة لأي شخصٍ قبل الإمام في دهشة من زملائه أعضاء البعثة طاعة وامتثالاً لولي الأمر فمعاذا الله أن يكون الإمام ممن يشقون الصف.
يا سيدتي كثرت سقطاتكِ وزلات لسانكِ لماذا تقتحمين حرم الدين ولستِ من أهله ولا متخصصيه ولم نطلب منكِ أن تُفتينا في النقاب أو الحجاب ولم نطلب منكِ الإدلاء بدلوكِ في مسألة تعدد الزوجات فلمً تُقحمين نفسكِ فيما لا يخصكِ ولا يعنيكِ تحت ستار حرية الرأي والتعبير. ذكرتِ سيدتي أنك لم تقرئي حرفاً واحداً للإمام ولم تشاهدي أحاديثه المتلفزة فكيف حكمتِ عليه إذن؟
اقرئيه يا سيدتي شاهدي أحاديثه التي يفسر فيها القرآن الكريم وأنا علي يقين بأنه سيصيبكِ ما أصابنا وستعرفين قيمة الإمام فلم يفسر القرآن الكريم بصورةٍ تقليدية بل بصورةٍ عصرية يربط التفسير الديني بالنظرياتِ العلمية الحديثة بأسلوبِ السهل المُمتِنع المُمتِع. سلي يا سيدتي الأطفال في الشوارع والفلاحين في المزارع والعمال في المصانع، سلي النساء في الأزقة والحارات، سلي الرجال في كل ربوع مصر من أقصاها إلي أقصاها، سلي الشيوخ في المساجد والقساوسة في الكنائس من هو الإمام الشعراوي! وحتماً ستعرفين وعذركِ الوحيد لدينا يا سيدتي أنكِ حديثة عهدٍ بالإسلام..