لا يختار أحد والديه، ولا الدين الذي يولد به، وبالمثل الحب، فلا يستطيع أن يجبر قلبه على من يهوى.
من هنا تبدأ المشكلة حين يتعارض الدين مع الحب، ويتحول الي فتنة طائفية.
ولكن ماذا لو أحب مسيحي فتاة مسلمة؟.. في هذا الوقت تلجأ حالات كثيرة للهروب إلى الخارج، لكن من لا يستطيعان أن يغادرا مصر، فليس أمامهما سوى أن يغير الشاب المسيحي دينه، إذا أراد الزواج، لكن لذلك أيضًا ثمن، وهو خسارة العائلة.
طبقًا للقوانين الدولية، فالزواج المدني البعيد عن أي سلطة دينية، هو حق للفرد في أي دولة، لكن الوضع يختلف في مصر، فهذا الزواج «نسخة» من نظيره الشرعي؛ حيث يسمح للمسلم بزواج المسيحية ولكن العكس غير جائز.
يوضح ذلك المحامي المتخصص في هذا الشأن، أيمن عطية، حيث يقول إن الزواج المدني هو «أي صيغة كتابية عند محام تثبت أن الطرفين متزوجان، وفي مصر يوثق هذا العقد من خلال وزارة العدل فقط، لكنها تخصصه للأجانب ولا يطبق على المصريين من أي ديانة».
أما المصريون حين يكتبون هذا العقد دون أن يوثق فيعتبر «عرفيا وغير معترف به من الدولة على أنه زواج مدني»، ولكن عند رفع الزوجة المسيحية دعوى قضائية لإثبات زواجها من الرجل المسلم بهذا العقد، يتم إثبات الزواج واستخراج قسيمة، لكن لو حدث العكس وذهبت زوجة مسلمة بعقد زواج من رجل مسيحي، فلا يتم إثباته ويعتبر باطلًا لأن القاضي في هذه الحالة يرجع لما يقوله الفقه؛ لأن قانون الأحوال الشخصية لم يتضمن بندا يشير إلى ذلك، بحسب ما يقول عطية.
ويشير إلى أن فائدة الورقة المكتوبة «عرفيًا» أنها تثبت النسب حال وجود طفل نتيجة العلاقة، وتبعد الطرفين عن الضبط في قضية أداب.
هذه المنظومة المُعقدة جعلت «مارك» يختصر الطريق ويلجأ إلى «تغيير دينه على الورق فقط»، مع الاحتفاظ باسمه، والذي لا يقبل عند سماعه التأويل في أن صاحبه مسيحي.
قصة حب «فاطمة » و«مارك» بدأت منذ 4 سنين، قررا بعدها أن يضعا أهلهما أمام الأمر الواقع، ويتزوجا بعد أن غيَّر ديانته في دار الإفتاء، وانتقلا للعيش في محافظة أخرى، وأنجبا طفلين.
يقول: «أنا أنتمي للاأدريين (لا ينكر وجود الله ولا يؤمن به)، وليس عندي مشكلة مع أي دين، أما زوجتي فهى مسلمة متدينة لكن متفتحة ولم تجد أزمة في زواجنا.. بعض الناس تتجنب التعامل معنا، ونواجه حالات استغراب كثيرة، تحديدًا حين يرى شخص بطاقتي وينظر إلى اسمي وديانتي المتناقضين، لكن ليس لدي مشكلة في توضيح السبب والقول بأني غيرت ديني لأتزوج؛ لأن الدولة التي أعيش فيها لم تترك لي حلا آخر».
لم يبلغ أطفالهما السن اللازم للالتحاق بالمدرسة، لكنهما قررا أن يربياهم على الديانة الإسلامية، ويتعرفوا على الدين المسيحي أيضًا ليكون لهم بعد ذلك حرية الاختيار
أما الحكاية التالية، فكتبت لها نهاية «مأسوية»، بعدما عاشت سنوات في الظلام.. فيقول بطلها، الذي فضل عدم ذكر اسمه: «هو أحد أبناء عائلة مسيحية كبيرة بالصعيد
تعرف على فتاة مسلمة، وهي من عائلة كبيرة أيضًا في نفس محافظته، وكانت تعمل معيدة في كلية الطب، واختارت أن تحضر دراسات عليا في تخصص غير موجود بجامعة المحافظة كي تنتقل إلى القاهرة لتبقى بجوار حبيبها.. عاشا سويا دون زواج رسمي لمدة 7 سنوات ولا يعلم ذلك إلا أصدقاؤهم المقربون، كان حبا أفلاطونيا كتب له نهاية كالمآسي الإغريقية، فقد نتج عن تلك العلاقة حمل مرتين، وأجهضت فيهما، وانتهى الأمر بوفاتها، ليبقى هو بلا زواج إلى الآن.
رغم تخطي أبطال هذه القصص -حتى وإن اختلفت نهاياتهم- الأسلاك الشائكة المحظور الاقتراب منها، فإن الحيرة تطارد أغلبهم. فتقول إحداهن «لا أعلم الخطأ فينا ولا في الناس»، ويقول آخر: «لا أعلم هل كان الخطأ في أني تركتها ترحل، أم في زواجنا من البداية».