لا تصارحوني بفشلي ولن أصارحكم بفشلكم

لا تصارحوني بفشلي ولن أصارحكم بفشلكم

كلنا يعرف ويردد عبارات مثل ( إرادة الحياة ) و ( إرادة السيطرة ) .... بل إن هذه العبارات وغيرها أصبحت مألوفة لدينا لدرجة أننا أصبحنا ننسب نجاحاتنا وتفوقنا إلى مثل هذه العبارات ونسلم بها ..

كما نعرف كلنا أن الإنسان متى واجهته نوائب الفقر أو الحزن أو المرض أو الذل ــ وهي نوائب يراها البعض أشد قسوة من الموت نفسه ــ لا يدفعه إلى مواجهة هذه النوائب إلا إرادة الحياة دون غيرها .

كل هذا نعرفه جميعا ... إلا أن وجود فكرة أخرى أو إرادة أخرى غير إرادة الحياة تنقاضها وتعاكسها في الاتجاه ... تبدو فكرة صعبة التصديق والإدراك .

لقد ظلت فكرة إرادة الموت شوكة في حلق المحللين النفسيين ... فلم يكن يخطر ببال أحد أن تراود شخصا ما فكرة العدم أو اللاوجود ... حتى أن فكرة التهديد بالانتحار كانت تؤخذ على أنها نوع من رغبة الذي يهدد بالانتحار في الانتقام ممن أساؤوا إليه وذلك بتسبيب الحزن لهم ..

إلا أن الذي يغفل عنه معظمنا هو أن الموت يعتبر تجربة حقيقية كالولادة والنمو ... لذلك يمكن أن نتصور أن الحياة تعدنا شيئا فشيئا للانسحاب منها

إن أغلب الناس ينجحون في إخفاء فشلهم عن الآخرين .. بل وينجحون أيضا في إخفاء فشلهم عن أنفسهم ... ولعل السبب في ذلك هو اتفاق صامت يعقده هؤلاء بين أنفسهم وبين معارفهم مضمونه : (( لا تصارحوني بفشلي ولن أصارحكم بفشلكم )) ... ويظل هذا الاتفاق ساري المفعول طول فترة الشباب وفي منتصف العمر طالما أن هناك أملا مزعوما بإمكانية تحقيق الأهداف ... إلا أن هذا الاتفاق يصبح لاغيا بعد أن يقترب الإنسان من نهاية العمر حيث يسلم صراحة بفشله وبأنه لم يحقق ما كان يسعى إليه ...
وهكذا نعبر الحياة دون أن نحقق ماكنا نحلم بتحقيقه ... ودون أن نكتشف في أنفسنا ما نحن جديرون بتحقيقه ... ودون أن نستخدم من قدراتنا الفطرية أو حتى المكتسبة إلا جزءا يسيرا جدا يقدره العلماء بما لا يزيد عن 10% من قدراتنا . أي أننا نرمي بما يعادل 90% من قدراتنا في سلة المهملات .

لهذا نجد أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :
(( لماذا نجري ونهرول في الحياة دون أن نصل إلى شيء ؟ وما الذي حدث لحياتنا التي كنا نحلم بها ونعلق عليها الآمال ؟! ولماذا لا نكسب من حياتنا أكثر من كسرة الخبز ؟

إننا أحيانا نكتفي بمجرد التساؤل ثم ندع الأمر يمر مرور الكرام وكأن شيئا لم يحدث .. ولكن بعضنا لا يستطيع أن ينسى مطلقا .. لذلك نجده إذا عاد إلى اللعبة مرة أخرى تحةلت حياته إلى كابوس مميت ..

ولكن ... هل يمكن الفرار من هذا الكابوس ؟!
الإجابة على هذا السؤال هي نعم .. وذلك بأن نعتقد بأنه ربما يكون هناك قوة ما داخلية توجهنا نحو الفشل ... وأننا كنا أحد ضحايا هذه القوة ...
لذلك يكمن الحل في أن نتعرف على إرادة الفشل وعلى ضحاياها بشكل أكثر وضوحا لعلنا نتفادها ونحسن التعامل مع هذه الإرادة الخفية التي تجرنا نحو الفشل

إن إرادة الفشل لو كانت تعلن عن نفسها بأعراض واضحة ومحددة كأعراض الإنفلونزا مثلا .. لكان من السهل علينا أن نبتكر الوسائل المختلفة لمواجهتها والقضاء عليها ... إلا أن أعراض هذه الإرادة غالبا ما تكون خفية غير واضحة .. كما أنها دائما ما تكون متنوعة بل شديدة التنوع .

أخي الحبيب ..
تخيل أن أمامك شابا لاهيا مرحا لعوبا لا هم له في الدنيا سوى اللعب والمرح .. وتخيل أنك أخذت هذا الشاب من ملهى ليلي كان يرقص فيه ويمرح لتعرفه على شيخ كبير متأمل متفكر بعيد عن الناس .. وتخيل أنك قلت لهذا الشاب اللعوب تعال لأعرفك على هذا الشيخ فإن بينكما تشابها كبيرا ..

إنك لو قلت هذا الكلام أمام أحد ما فسيتهمك بالجنون ولا شك .. ولكن لا تحزن .. فأنت لم تبتعد عن الصواب ..
إن الفيلسوف المتأمل المتفكر المنطوي بعيدا عن الناس والشاب اللاهي اللعوب الذي لا هم له في الدنيا سوى اللعب والمرح .. كلاهما تحركهما دوافع واحدة في الحياة .. فكلاهما يسعى نحو الفشل .

لقد قال لنا الفيلسوف ( ماركوس أوريليوس ) في تأملاته محذرا : (( لا تتصرف كما لو كنت ستعيش ألف سنة )) ومع ذلك نجد أناسا يتصرفون كما لوكانوا سيعمرون ألف سنة كاملة .. وسواء كان هؤلاء يلعبون ويمرحون أو يتأملون ويتفكرون فهم ينفقون أغلى ساعات عمرهم فيما لا فائدة منه وكأن عمرهم ممتد ولن ينفد .

إن هناك العديد من الناس الذين يقضون في النوم أعمارهم .. وينامون بما يزيد عن حاجتهم ساعات طويلة .. هؤلاء ليسوا كسالى بطبيعتهم كما قد نصفهم .. ولكن نومهم الزائد عن الحد هذا ما هو إلا فعل قهري لإرادة الفشل ..

وهناك الأيقاظ النيام .. الذين يدَعون الفرص تمر من أمام أعينهم .. رغم أنها تنادي عليهم مر النداء كل يوم وكل ساعة بل وكل دقيقة ولحظة .. فلا يرمش لهم جفن ولا يخفق لهم قلب ولا يمدون أيديهم ليغرفوا من فوائدها وثمارها .. فيغمسون أنفسهم فيما لا طائل من ورائه من الأعمال .. هؤلاء أيضا تحركهم إرادة الفشل ..

وهناك المكتفون بأنفسهم المستغنون عن الناس الذين يرفضون الأدوار الجماعية ويفضلون الفردية .. الدافنون أنفسهم بين أوراق الكتب وكعوبها .. المنهمكون في التسلية بحل الألغاز وفك رموز الكلمات المتقاطعة وطلاسمها .. هؤلاء أيضا تحركهم إرادة الفشل ..

وهناك المدمنون على الخمر والمخدرات والتدخين .. الذين يتصل بهم الشراب صباح مساء فيجلب لهم النوم في اليقظة والموت في الحياة .. الذين يعرفون أنهم بعد شربهم سوف يستيقظون وهم في أسوأ حالاتهم .. الذين يعلمون تماما أنهم يضرون أنفسهم ومع ذلك يواصلون شرب الخمر والمخدرات والسجائر .. هؤلاء أيضا تحركهم إرادة الفشل ...

وهناك المقبلون على الطعام بشراهة رغم علمهم بضرره عليهم ... يشربون القهوة رغم أنها تعكر أمزجتهم .. يشربون اللبن رغم أنه يسبب عسر الهضم لهم ... يأكلون المسبك من الطعام رغم ما يسببه لهم من وجع البطن وضيق النفس ... هؤلاء أيضا تحركهم إرادة الفشل ..

وهناك المدمنون على السينما والمسرح والحفلات هنا وهناك .. فلا يطيب لهم يوم دون أن يشاهدوا فيلما أو مسرحية أو يحضروا حفلة هنا أو هناك .. ونحن هنا لا نجرم اللهو ولا اللعب ولكن يجب أن يكون بعد فترة من النشاط الإيجابي البناء .. إنما نقصد أولئك الذين تنحصر حياتهم في اللهو واللعب .. هؤلاء أيضا تحركهم إرادة الفشل .

وهناك اللطاف الخفاف الظراف الذين يحترفون الحديث الحلو الجميل الأنيق .. وليس يهمهم إلا أن يستحوذوا على كامل الانتباه ويسمعوا كل عبارات المدح والثناء .. مدارين بذلك نقصا فيهم .. خادعين أنفسهم والناس من حولهم .. وخاصة الغرباء عنهم .. هؤلاء أيضا تحركهم إرادة الفشل .

وهناك الذين يعيشون في أفلاك غيرهم من الناس .. ماحين بذلك شخصياتهم بل وحياتهم .. فلا هم أفادوا أنفسهم .. ولا هم أفادوا غيرهم .. هؤلاء أيضا تحركهم إرادة الفشل .

ثم هناك الفاشلون ( النص نص ) الذين يشغلون أوقاتهم بأعمال ضعيفة هزيلة تافهة لم يخلقوا لها .. فهم كمن رقصوا على السلالم .. فلا هم نجحوا ولا هم فشلوا .. هؤلاء أيضا تحركهم إرادة الفشل ..

ولو تأملنا أنفسنا يوما ودُهِشنا أننا نكرر ما نقول يوما بعد يوم .. الموضوعات نفسها .. الأفكار نفسها .. الآراء نفسها .. الأفعال نفسها .. وكأننا ندور ضمن حلقة مفرغة .. أو كأننا أصبحنا أجهزة تسجيل بشرية تُخرج ما فيها بمجرد الضغط على زر التشغيل .. فلنعلم أننا نتحرك بإرادة الفشل ..

إننا دائما ما نبدو أمام الناس منشغلين بالعمل مزدحمين به .. نبدو وكأنه لم يكن في الإمكان أفضل مما كان .. نبدو وكأنه لا يمكننا أن نقوم بالمزيد .. نبدو وكأنه لا يوجد في أوقاتنا دقيقة واحدة من الفراغ .. ولو تأملنا كل ذلك بأمانة مجردة فسنجد أن أغلب أوقاتنا مشغول بما لا فائدة منه .. ثم يمضي الوقت هكذا دون أن نخرج منه بشيء ذي جدوى

إن ضحايا الفشل من اللاهين والعاملين في غير أماكنهم والمندمجين في الأنشطة العقيمة عديمة النفع .. يفلحون وبكل براعة في خداع الناس وخداع أنفسهم بأنهم يعيشون أفضل أوقاتهم وأسعدها .. ويفلحون أيضا وببراعة في خداع من حولهم بأنه لم يكن في وسعهم أفضل من ذلك ..

إن هؤلاء من وجهة نظري كالبخيل ..
تخيل بخيلا يحب الدنيا جدا .. جمع من الدنيا كل مالها وذهبها وجواهرها وكنوزها ولم يُبق لأحد منها شيئا .. ولحبه الشديد للدنيا .. عندما نفذ مالها بدأ في جمع قديم الثياب وقصاصات الورق والنفايات والحصى .. الفاشلون أيضا يجمعون توافه الأمور .. يجمعون المشاعر السلبية والتجارب المرهقة المتعبة وما لا فائدة منه من الأفكار .. إلا أن الفرق بين البخيل والفاشل أن البخيل بدأ بجمع النفيس من الأشياء أولا ثم بدأ يجمع التافه منها أما الفاشل فلا يجمع إلا توافه الأمور ...

إن صعوبة الأمر تكمن هنا في أن الفاشلين ينجحون في ملء حياتهم وشغل كل دقيقة من أعمارهم .. إلا أنهم يملئونها بما لا يسمن ولا يغني من جوع .. ويشغلون أوقاتهم بما يضر ولا ينفع ..

لذلك يا أخي إذا أردت التغيير ..

فأفرغ كوبك أولا ..

أفرغ عقلك من كل ما يضر ولا ينفع .. أفرغ قلبك من كل المشاعر السلبية .. أفرغ حياتك من توافه الأمور .. ثم املأها بما أنت أهله .. واعلم تمام العلم أني واثق تمام الثقة بأنك أهل لكل عظيم وجميل ..

إن الفاشلين مهما تنوعت أهدافهم الظاهرة .. فهم يشتركون جميعا في هدف دفين .. استقر في أعماقهم .. ويحركهم .. الهدف هو ملء حياتهم بما لا ينفع من الأعمال .. بحيث لا يصبح لديهم الوقت اللازم ليزاولوا ما هم أهل له ..
وبذلك يصبح هدفهم الدفين هو الفشل .

قد يبدو من السخيف أن يدبر المرء لنفسه مؤامرة ــ ولو بدون وعي ــ ليوقع نفسه بين أنياب الفشل .. إلا أن الدراسات قد أثبتت أنه بين كل مئة شخص هناك من يعطل نفسه عامدا .. ويصيب نفسه متعمدا بالعجز ..

هناك قاعدة مهمة في علم النفس تقضي بأنه من الضروري أن نقبل أي فكرة مهما كانت في أولها سخيفة أو مضحكة ...
كما أننا عرفنا من خلال مطالعاتنا المتزايدة في مختلف فروع علم النفس أننا منهمكون معظم أوقاتنا في الأوهام والأحلام .. سواء كنا واعين أو غير واعين .. مستيقظين أو نائمين .. ودائما ما تدور أحلامنا حول حالة نكون فيه أسعد مما نحن عليه في واقعنا ..

لقد كتب أحد الكتاب يقول : ( إننا لا نعتقد أن هناك قوة في اليوم الذي نعيشه يمكنها أن تغير أو تنافس الأمس الجميل .. إننا دائما نعيش بين أطلال خيمتنا القديمة .. حيث نعِمنا زمنا بالطعام والمأوى دون عناء .. تلك هي الحال معنا جميعا ... ولكن هذه الحالة تقل وضوحا عند السعداء والناجحين ... )

إن الرجل المنكسر الحالم قد ينقلب في خياله إلى نابليون الفاتح العظيم ... والمرأة الضعيفة الحالمة قد تنقلب في خيالها إلى شعلة متأججة من النار لا يقف في طريقها أي شيء .. فإذا لم تتدخل الحقيقة لتزعج هذا الحلم يظل الحالم يسعد بانغماسه وتقلبه في أحلامه اللذيذة ...

إن هذه الأحلام التي نحلمها .. والتي غالبا ما نطلق عليها أحلام اليقظة .. ما هي في حد ذاتها إلا تعويضا عن حياة روتينية جامدة ، أو عن حياة مملة خالية من الأحداث .. وبما أن عالم الحالم يظل كما هو عليه دون تغيير فلا بد للحالم أن يعيش ولو جانبا بسيطا من الوقت في الواقع الحقيقي .. فالأرض التي نعيش عليها ليست أرضا للأحلام .. والسماء التي نعيش تحت سقفها لا تمطر طعاما ولا مالا .. كما أن الأشجار لا تتساقط ثمارها في أفواهنا ... لذلك فإنه مهما كان الحلم الذي نغرق فيه جميلا أخاذا فلا مفر أمامنا من أن نعود لأرض الواقع ثانية حتى نكافح من أجل المعيشة .

إن الإنسان الذي أدمن أحلام اليقظة لا يكافح إلا بقدر الحاجة فقط ولا شيء أكثر من ذلك .. لهذا نجده إذا انقضى عمله عاد إلى أحلامه مرة أخرى دون وعي منه .. حيث أنه لا يفلح إلا في شيء واحد .. أن يكسب كل يوم ساعات من الفراغ ليقضيها يقتل نفسه دون أن يستفيد شيئا ... ولكن .. الحلم جميل .. مبهر .. رائع .. هو فيه الملك والمسيطر والمتحكم .. وهو فيه ليس بفاشل ولا ضعيف ... لذلك فإنه يظل في حلمه بل ويحرص عليه .

إن ثمار الفشل التي نتحدث عنها ليست مجرد وحي من الخيال .. وإنما هي حقيقة واقعة لها وجود .. وإذا أدركنا ذلك تمام الإدراك فإن هذا الأمر يسهل علينا مواجهتها كأي شيء ملموس في حياتنا .

إننا نجد كثيرا من الناس إذا اجتهدوا في عمل شيء ما بالقدر الذي يسمح لهم بالاعتذار بأنهم حاولوا جهدهم وأخفقوا .. نجدهم قد خلقوا لأنفسهم عذرا قويا لأن يتحججوا وبقوة أنهم قد حاولوا ولكن كانت تنقصهم بعض المهارات اللازمة لإنجاز أعمالهم ... وقد يبدو ما نسمعه من هؤلاء قويا ومؤثرا وصادقا .. وعليه فقد أعفوا أنفسهم وأعفيناهم نحن أيضا من مواصلة الاجتهاد بقية حياتهم ...

اعلم يا أخي أنك إذا كنت مثل هذا الذي يعيش حياته في الأحلام .. فإنك ستنظر إلى كفاح الآخرين ونجاحهم بعينين .. الأولى : مهتمة .. والثانية : حاقدة ... وستجد عقلك اللاواعي يقول لك : " لماذا لا تكف وتظل تحس بقية عمرك أنك إن حاولت مرة أخرى فسوف تصل إلى ما تريد ؟ " وبذلك تظل تعذر نفسك .. وتظل في حلمك اليقظ .. وتتحول حينها إلى ناقد لاذع بصعب إرضاؤه ... وتظل تنظر إلى القصور في الوصول إلى الأهداف السامية الرفيعة المستوى أفضل بكثير من الوصول السهل إليها .. وبذلك توجد العذر لنفسك من جديد على فشلك .. وبهذا يصبح النجاح الذي كنت خليقا بالوصول إليه وجديرا بتحقيقه والروائع التي كانت مخلوقة لك .. يصبح كل هذا مجرد أحلام وخواطر تدور في ذهنك ... وتصبح هذه الأحلام المحبوسة في ذهنك أنت فقط أهم بكثير من النجاح نفسه ... وعليه يصبح طريق النجاح المحفوف بالمخاطر والمتاعب والمشقة .. أمرا غير مرغوب فيه .. بل شديد الكراهية بالنسبة لك ... ولهذا تهرب منه بالأحلام .. وبالتالي بالفشل . وعندها يدور في ذهنك اللاواعي تساؤل مهم : (( لماذا اخترتُ أن أفشل ؟ )) ولا تتعب نفسك في البحث عن إجابة .. فسوف تجد الإجابات تنصب عليك صبّا ... هذه الإجابات هي ما نسميها ثمار الفشل ...

من ثمار الفشل ما نعزي به أنفسنا أننا قد ابتعدنا عن التعب والعناء وتعكر المزاج الذي يعانيه المجد والمثابر ... من ثمار الفشل ما قد نقوله لأنفسنا بأننا لا نريد أن نؤذي من نحب بنجاحاتنا ــ وهذه تنتشر خاصة بين النساء وبني المشاهير ــ .. ومن ثمار الفشل هو اعتقادنا بأننا ننجو من الهمسات والشائعات والتقولات والتجريحات التي تلاحق الناجحين ... من ثمار الفشل أيضا هو اعتقادنا بأننا مع الفشل نصبح أفضل عِشرة وعلاقة مع الآخرين فالوقت أمامنا للخروج والحديث واللعب ،، أما الناجحون فكل أوقاتهم محسوبة وبهذا لا يصبح لديهم الوقت الكافي للعب واللهو وإذا استطاعوا اقتناص وقت للعب فإنهم يلعبون وهم دائموا التفكير في العمل والنجاح ..

طبعا قد يقول البعض ما أروع هذه النتائج التي تأتي مع الفشل .. لا تعب لا مجهود لا مشاكل في العلاقات ... ولكن صدقوني يا إخوتي إن هذا كله ما هو إلا أوهاما نتيجتها الوحيدة هي الموت دون جدوى ..

إن ثمرة الفشل التي تتردد كثيرا على عقولنا هي أننا قد نجونا بأنفسنا من التعب والهم والإرهاق والتفكير الذي يصاحب المجهود الذي يسبق النجاح ..
ولكنن المصيبة الكبرى هنا هو أننا نعرف أن كل ما ذكرته من ثمار للفشل ما هو أوهام لا طائل من ورائها .. والدليل أننا نأتي في لحظة ما لنقف أمام أنفسنا فنقول لها : " لو أننا فعلنا كذا منذ سنة لكنا اليوم أفضل حالا .. لقد كانت الفرصة متاحة فلم لم نغتنمها .. "

أحبائي الكرام ...
قد يبدو ما قلته من ثمار للفشل مثيرا ومريحا ومبهجا وبعيدا عن التعب .. ولكن ثمار النجاح أوفر وأشهى ..
إن أقل عمل نقوم به إذا أحسناه يجلب لنا لحظة واحدة من السعادة لهي خير لنا من عمر كامل يمر علينا مع الفشل .. كما أن إحساسنا بأننا نقيس أعمارنا وأعمالنا بمقياس صحيح بدلا من مقاييس متغيرة تصنعها أحلام اليقظة وأوهام اللاوعي هو تماما كمن وضع قدميه على اليابس بعد سنوات طوال من العيش على الماء ..

ولنتذكر دائما ...

( فقد يبدو عنب الحقيقة في رأي الخيال حصرما ... إلا أن الطعم الحقيقي لا يتضح إلا لمن يتذوقه)

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;