بالنظر إلى نظام "الفصل العنصري" الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية، أصبح دعم إسرائيل موقفاً أحادياً تماماً من الجمهوريين مع إعتناق بعض ناخبي الحزب الجمهوري لإسرائيل، في حين أن الديمقراطيين والناخبين الشباب واليهود الأمريكيين يقولون بشكل متزايد، ليس بعد الآن ، شكراً لكم في إشارةً منهم لحكومة "بنيامين نتنياهو" اليمين المتطرف.
ونرىّ أنه لا تطابق مع "مخاوف" الرئيس الأمريكي "جوبايدن"بشأن إسرائيل ومخاوف الناخبين بشأن الظلم والإنتهاكات ضد الفلسطينيين،
وإن المظاهرات الضخمة التي تضمنت الشوارع والمتنزهات في جميع أنحاء إسرائيل تعُد ملهماً بعدة طرق، وتقارير تقول؛ إن أكثر من 250،000 يهودي إسرائيلي تحدىّ حكومتهم اليمنى على الصفحات الرئيسية للصحف حول العالم، وخاصةً في الولايات المتحدة، وكان الإستجابة الرسمية "قلق"، وذكر منذ عدة أيام قليلة أن الرئيس "جوبايدن" لا يزال يشعر بالقلق من بعض الأنشطة والسلوك المتطرفين من قبل بعض أعضاء أو أتباع رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" فضلاًعن؛ عن الخلافات الأخرىّ، ويدعو وزير المالية الإسرائيلي نفسه "فاشيا"، في حين أن وزير الأمن القومي للبلاد أدين سابقاً بتحريضه على العنصرية.
وفي غضون كل هذا ، يُقال: إن البنتاغون قلق بشأن القدرة العسكرية الإسرائيلية وسط الإحتجاجات، والشيئ الوحيد الذي لا يبدو أن واشنطن قلقة بشأنه هو إنكار إسرائيل المستمر لحقوق الفلسطينيين!، وربما لا يكون هذا مفاجئاً، لأن الإحتجاجات التي تعصف بإسرائيل إلى حد كبير تتركهم خارجاً أيضاً،
ومن المفهوم أن المتظاهرين في إسرائيل قلقون بشأن حقوق المرأة، وحقوق المثليين، والمساواة لليهود العلمانيين وغير الأرثوذكس، وإستيلاء "نتنياهو" على السلطة مؤخراً وفق تعبيرهم، ولكن إنتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان الفلسطيني والقانون الدولي لا تزال غير مذكورة فعلياً في حديثهم في الواقع، والغريب أن من بين القادة الأكثر نفوذاً في الإحتجاجات جنرالات وسياسيون أشرفوا على عقود من القمع ضد الفلسطينيين، بل وتفاخروا به في حملاتهم الخاصة على الرغم من "مخاوفها بعدما أصبح «الفصل العنصري» يفرض الآن في داخل إسرائيل نفسها.
في حين أن الإدارة الأمريكية تواصل في إرسال مليارات الدولارات كل عام إلى الجيش الإسرائيلي فضلاًعن؛ حماية إسرائيل في الأمم المتحدة ووحماية المسؤولين الإسرائيليين من المساءلة في المحكمة الجنائية الدولية عن الجرائم والإنتهاكات المتكررة ضد الفلسطينيين،
وقد حذرنا في عامي "2021، 2022" وحذرت منظمات حقوقية بارزة أخرىّ منها "منظمة هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" و"منظمة بتسيلم الإسرائيلية" من أن الحكومة الإسرائيلية ترتكب جريمة "الفصل العنصري" ضد الفلسطينيين، واليوم، نرىّ تواصل تصاعد عدد القتلى الفلسطينيين على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق تقارير للأمم المتحدة، وأنه إرتفعت عمليات القتل في الضفة الغربية في عام"2022" بنسبة 82 % عن العام السابق "2021"، ونحو 500 % خلال عام "2020".
وقد أدىّ تطرف الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة"نتنياهو"إلى تسريع الإنقسامات الحزبية حول السياسة الأمريكية الإسرائيلية، ونتيجة لذلك؛ أصبح دعم إسرائيل موقفاً جمهورياً أحاديً يخدم وجهة نظر واحدة تماماً، وجاء مع إعتناق ناخبي الحزب الجمهوري لإسرائيل، بينما وجهة نظر الديمقراطيون، والناخبون الشباب واليهود الأمريكيون عكس ذلك، وقال؛ الأغلبية منهم لعقود من الزمان دافعنا عن إسرائيل ضد مزاعم "الفصل العنصري"، ولم نعُد نستطيع على ذلك الآن بعدما بات يفرض ليس على الفلسطينيين وحسب بل في داخل إسرائيل أيضاً، ونحن نشاهد الآن الفصل العنصري الذي نشأت فيه في جنوب إفريقيا، والإستيلاء العنصري، والفاشي للحكومة الإسرائيلية الحالية على السلطة هو التعريف الحقيقي لـ" الفصل العنصري " وفق ما جاء في صحيفة"ذا هيل" الأمريكية.
وأشير: في مقالي إلى أنه في عام 2019، أظهر إستطلاع للرأي أجرته "جامعة ماريلاند" وأن 76% من الجمهوريين يريدون من الولايات المتحدة ألا تفعل شيئاً، أو أن تتحدث فقط"تتفرج وتتجاهل"، عن المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على الأراضي الفلسطينية بين الديمقرطيين، أراد 66 % أن تتخذ الولايات المتحدة إجراءات أكثر جدية، بما في ذلك العقوبات الإقتصادية ضد إسرائيل، وعندما سئل عما إذا كانت إسرائيل دولة ديمقراطية، أظهر إستطلاع أجرته مؤسسة "بروكينغز" في أبريل 2023 أن تعدد الديمقراطيين الذين لديهم رأي 44 % ينظرون إلى إسرائيل على أنها "شبيهة بنظام "الفصل العنصري".
مشيراً؛ إلى الجانب الحزبي، وتغير الرأي اليهودي بشكل كبير، وقد أظهر إستطلاع للرأي أجراه "معهد الانتخابات اليهودي" في عام 2021 أن 25% من اليهود الأمريكيين، و 38 % من الشباب اليهود يعتقدون الآن أن إسرائيل دولة "فصل عنصري" في إستطلاع أجري عام 2022 لـ "street”، أيد 68% من اليهود تقييد المساعدات العسكرية لإسرائيل، على الرغم من هذه التحولات، يظل قادة الحزب الديمقراطي ملتزمين إلى حد كبير بالإجماع القديم في السياسة المؤيدة لإسرائيل، ولكن التغيير ينتشر بشكل بطيئ جداً بين بعض الديمقراطيين المنتخبين.
كما أشير؛ إلى أنه في عام 2021، وتحديداً أثناء الهجوم الإسرائيلي على غزة الذي أسفر عن مقتل أكثر من"256" فلسطينياً، من بينهم "66"طفلاً، رفض الرئيس الأمريكي"جوبايدن" الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وأعرب عدد قليل من مؤيدي حقوق الفلسطينيين في الكونغرس عن غضبهم، لكن ضغوطاً إندلعت أيضاً من جهات أخرىّ بما في ذلك 25 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بقيادة السناتور "جون أوسوف" وهو ديمقراطي يهودي عن ولاية جورجيا، ومن ويعُد ضمن أعضاء يهود بارزين في مجلس النواب حثوا "بايدن" على تغيير المسار في سياستةُ تجاة إسرائيل بعدما رأي البعض منهم أن الولايات المتحدة أصبحت تفقد بشكل متزايد من همينتها بسبب دعمها المطلق لإسرائيل.
ومن هنا ألفت: في مقالي إلى، ما كتبه حوالي "500" موظف سابق في حملة "جوبايدن" 2020 رسالة قوية في مايو من عام 2021، أعربوا فيها عن قلقهم من أن إسرائيل تواصل إستخدام المعدات العسكرية التي تمولها الولايات المتحدة لقتل المدنيين، فضلاًعن؛إستهداف الصحفيين، ودعوا "بايدن" إلى العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والحصار والتوسع الإستيطاني
وكانت رسالتهم مهمة لأنها أظهرت أن هؤلاء النشطاء الديمقراطيين أدركوا أن إنتقاد إسرائيل لم يعد إنتحاراً سياسياً ، وأن القيام بذلك لن يمنعهم من الحصول على وظيفتهم المقبلة في الحملة الإنتخابية.
وشاهد الجميع آخر مظاهر نظام "الفصل العنصري" الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية هو تدميرها لآبار المياه الفلسطينية في الضفة الغربية، وعلى الرغم من أن الضفة الغربية هي أرض فلسطينية، إلا أن إسرائيل تريد الحفاظ على المياه من أجل المستوطنات التي ترتكب جرائم حرب، ويرىّ المحللين أن جهود رئيس الوزراء الإسرائيلي"بنيامين نتنياهو" لتجنب ملاحقتهُ قضائياً بالفساد ستثقل كاهل الإقتصاد الإسرائيلي، وبتراجع الإستثمار الأجنبي وقطاع التكنولوجيا الأضعف إذا إستمرت الإضطرابات الناجمة عن إصلاحات الحكومة القضائية المثيرة للجدل.
وعنونة الصحف الأمريكية والإسرائيلية على صفحاتها الرئيسية في أواخر يوليو الماضي «إضطراب الإصلاح القضائي الإسرائيلي يهدد النمو الاقتصادي والاستثمار»، وجاء في تفاصيلة يحذر مستثمرون ومحللون من أن الإقتصاد الإسرائيلي قد يواجه خفض التصنيف الإئتماني، وتراجع الإستثمار الأجنبي وقطاع التكنولوجيا الأضعف إذا إستمرت الإضطرابات الناجمة عن الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل للحكومة، وفق "رويترز"، وجاء هذا بعد ما
تراجعت عملة الشيكل أكثر من 2% مقابل الدولار في الأيام التي تلت ذلك الإحتجاجات لتصل إنخفاضهاً منذ ظهور الخطط لأول مرة في يناير إلى أكثر من 9%.
وفي نفس السياق: فقد أدىّ قمع الحكومة الإسرائيلية المتزايد للفلسطينيين إلى تراجع الدعم لإتفاقات إبراهام في الخليج، وأظهر إستطلاع للرأي أنه في الإمارات والبحرين، فقط 20% من الناس ينظرون إليهم بإيجابية، مقارنة بـ 45% في عام 2020، ووفق ما ذكرتة "بلومبيرج Bloomberg" الأمريكية، في عنواناً رئيسياً لها على صفحاتها في وقت سابق "الدول العربية تعكر صفو إسرائيل في ضربة للولايات المتحدة لهدف إتفاق التطبيع السعودي"، وأبرز ما جاء في التفاصيل هو أن تصاعدت التوترات بين دول الخليج وإسرائيل بعد ثلاث سنوات من إتفاقيات التطبيع التاريخية، مما أدىّ إلى تباطؤ الإستثمارات المأمولة، وإعاقة الجهود الأمريكية لزيادة تكامل المنطقة من خلال ضم المملكة العربية السعودية "القوة الرئيسية".
وأستغرب: في مقالي من المحتجون الإسرائيليون الذين طالبون بالديمقراطية، وأتساءل هنا ماذا عن إحتلال الفلسطينيين؟، وشاهدنا التناقض في نزول المتظاهرون للشوارع بكثافة لحماية الديمقراطية داخل إسرائيل من هجمات "نتنياهو" التي تخدم مصالحهم الذاتية، على نقيض نظام "الفصل العنصري" التي يتم ببساطة التستر عليه!،
وشاهد العالم بأكملة الإحتجاجات التي هزت إسرائيل في الأيام الأخيرة الماضية وموجة غضب عارمه من الإحتجاجات الجماهيرية المطالبة بإحترام الديمقراطية في البلاد، ولكن الحركة المؤيدة للديمقراطية تفتقر إلى أي رسالة واضحة لمعارضة الحكم العسكري الإسرائيلي المفتوح لملايين الفلسطينيين!!، ويعكس هذا التناقض الإعتقاد السائد بين اليهود الإسرائيليين بأن الصراع مع الفلسطينيين مستعصي على الحل، ومنفصل بطريقة ما عن الصراع الداخلي الإسرائيلي.
وختاماً: فإن أقل وصف يجب أن أوصفه في مقالي هذا لـ"إدارة" "جوبايدن" أنها ضعيفة وسلبية في الشرق الأوسط، حيثُ إرتفع العنف بين إسرائيل والفلسطينيين إلى أعلىّ مستوياتهُ منذ ما يقرب من عقدين، وعكست كافة التعليقات في هذا الشأن إحباط الفلسطينيين من الرئيس الأمريكي" جوبايدن" ، الذي نال إستحسان الفلسطينيين في البداية عندما رفض موقف إدارة ترامب المؤيد لإسرائيل بلا خجل، ولكن"بايدن" لم يفعل الكثير حتى الآن لمتابعة هذه الرؤية، ويبدو أنه أراد تغيير جميع السياسات التي إتخذها ترامب، ولكن ليس عندما يتعلق الأمر بتحدي القمع الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي لا نهاية لها. حتى أنه لن يسميها بأسمها!!؟.
وأؤكد: هنا أن إسرائيل بقيادة"نتنياهو" تقدم اليوم للعالم بأسره مزيداً من الأدلة على أن دعم الولايات المتحدة لحكومة"اليمين المتطرف"، بغض النظر عن إحتلالها وإنتهاكاتها للفلسطينيين، قد شجع اليمين الإسرائيلي العنيف والمتطرف الذي يرفض الآن وبفخر الديمقراطية لليهود في داخل إسرائيل أيضاً، مؤكداً: على أنه سيكون إنهاء هذا الدعم متسقاً مع كل من القانون الأمريكي والقانون الدولي، وقد يفترض الديمقراطيون المؤيدون لإسرائيل أن بإمكانهم الإستمرار في دعم ما يُطلق عليه غالباً زيفاً الديمقراطية الوحيدة في المنطقة لكن إلى جانب إنهاء الدعم لإنتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان، لديهم الآن سبب آخر لإعادة النظر في موقفهم الداعم لإسرائيل لأن ناخبيهم سيراقبون، وعن كثب.