قال"نبيل أبوالياسين" الحقوقي والباحث في الشأن العربي، والقضايا العربية والدولية، في تصريح صحفي صادر عنه اليوم«السبت» للصحف والمواقع الإخبارية، إن القرار الذي قدمتهُ ألمانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يتطلب من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذين يمارسون حق النقض "الفيتو"على المثول أمام الجمعية مع تفسير، حصل حتى الآن 58 مشاركاً على الأقل، وهذا أمراً يعُيد ثقة الشعوب لمجلس الآمن التابع للآمم المتحدة.
وأضاف"أبوالياسين"أن الخطوة الجديدة التي بدأت الجمعية العامة في إجراءاتها لتقوض سلطات النقض التي
إنمحى كلُّ أثرٍ له في مجلس الأمن تكتسب زخماً، ودفعاً شديداً من أغلبية الأعضاء، بعدما "تَكَتَّلَتْ جُهودُ" المطالبين بإصلاح فوري وسريع في مجلس الآمن الذي فشل في منع الغزو الروسي على أوكرانيا.
مضيفاً: عندما يستخدم عضو دائم حق النقض، يجب أن يكون هذا العضو مستعداً لشرح سبب عدم قيام القرار المعني بتعزيز صون السلام والأمن الدوليين، ولسوء الحظ ، ليس كل أعضاء مجلس الأمن يشاركونهم هذا الشعور، نحن قلقون بشكل خاص، وشعوب دول العالم بوجه عام من النمط المخزي الذي تتبعه "روسيا" في إساءة إستخدام إمتياز حق "الفيتو" على مدى العقدين الماضيين، وبما في ذلك حق النقض لقتل بعثة مراقبي الأمم المتحدة في جورجيا، وعرقلة إجراءات المساءلة، والتحقيقات بشأن الأسلحة الكيميائية في سوريا كما ذكرنا سابقاً، ومنع إنشاء محكمة جنائية بشأن إسقاط الطائرة MH-17 فوق أوكرانيا، وحماية "بوتين" من الإدانة بسبب حربه الإختيارية غير المبررة وغير العادلة ضد أوكرانيا مؤخراً.
كما أضاف؛ لقد مارس الأعضاء الخمسة الدائمون "P5" في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وفرنسا، والصين وروسيا، حق النقض "الفيتو" لحماية مصالحهم، أو مصالح حلفائهم السياسيين، والعسكريين المقربين لهم على حساب دماء الشعوب وتدمير الدول، والبنية التحتية، ولكن إقتراح قرار جديد أمام الجمعية العامة "GA" بعنوان "التفويض الدائم لمناقشة الجمعية العامة عندما يتم الإدلاء بحق النقض في مجلس الأمن"، وهو محاولة لتقويض حق النقض في خطوة من المرجح أن تحظى بدعم الأغلبية من 193 دولة عضو فضلاً عن الدعم الشعبي من جميع دول العالم.
وأعلنت السفيرة الأمريكية "ليندا توماس جرينفيلد "للصحفيين أمس أن قرار الجمعية العامة بشأن حق النقض سيكون خطوة مهمة نحو المساءلة، والشفافية ومسؤولية جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الذين يمارسون سلطتهُ،
وأن الولايات المتحدة كانت من بين المشاركين في رعاية القرار بقيادة مجموعة أساسية من الدول الأعضاء بقيادة ليختنشتاين.
ولفت "أبوالياسين" إلى أنه وإعتباراً من الأسبوع الماضي، شارك في تقديم القرار أكثر من 57 عضواً، وما زال العدد في إزدياد حسب تصريحات من داخل الآمم المتحدة، وهذا الإجراء المبتكر سيعقد تلقائياً إجتماعاً للجمعية العامة بعد إستخدام حق النقض في مجلس الأمن الأعضاء الخمسة الدائمون، وأن قرار الجمعية العامة رقم 377، الذي تم تبنيه في عام 1950، يمنح الجمعية العامة سلطة تقديم توصيات “لـ “ العمل الجماعي في حالة فشل مجلس الأمن في التصرف على النحو المطلوب للحفاظ على الأمن، والسلم الدوليين.
لافتاً: إلى أن الجمعية العامة إستندت إلى هذا القرار في أربع مناسبات عندما تم حظر قرار يحظى بتأييد واسع من خلال "الفيتو" في عام 1950، فيما يتعلق بالحرب الكورية، في عام 1981 بشأن ناميبيا، وفي عامي "1980 و 1997" بشأن قرارات تتعلق بفلسطين.
وأشار"أبوالياسين" إلى أنه ومنذ تأسيس الأمم المتحدة في عام 1945، أصرت الغالبية العظمى من الدول الأعضاء على إستخدام حق النقض في مجلس الأمن، أنهُ عمل متعرج "مُتشَعِبٌ، مُلتَوٍ" للحفاظ على السلام، وفي كثير من الأحيان أن حق النقض يُبقي العديد من الأمور المهمة جداً خارج نطاق عمل المجلس بالكامل،
وعلى الرغم من أن الأعضاء الدائمين الخمسة الذين يتمتعون بحق النقض"الفيتو" لم يوافقوا أبداً على تغيير سلطات النقض الخاصة بهم، فقد سعت الدول الأصغر في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إضعاف حق النقض، من خلال الإجراءات التي تنزع الشرعية عن إستخدام حق النقض والإحتجاج على العدوان المحمي بحق النقض، وإنتهاكات أخرى للآمن، وللسلام من قبل أقوى الحكومات.
مشيراً: إلى أنه أطلقت مجموعة من البلدان ذات التفكير المماثل، الحريصة على تعزيز السلام الدولي والشرعية، وحماية نفسها من أكبر المعتدين، المبادرة الحالية، بناءً على معارضة الفيتو الروسي لقرار المجلس الذي يدين غزوها لأوكرانيا،
وقيل إن هذه المبادرة ستؤدي تلقائياً إلى مناقشة الجمعية العامة في أي وقت يتم فيه إستخدام حق النقض في مجلس الأمن، ومن الناحية النظرية، قد تكون مناقشة الجمعية حتى وإن كانت غير ملزمة، عاملاً مثبطاً لإستخدام حق النقض من قبل عضو دائم، حتى لو لم يكن إخراج النقاش بمثابة كابح لغطرسة الدول القوية، فإن الأمر يستحق التنفيذ.
كما أشار: "إلى أن هناك بعض المفارقة في قيام الولايات المتحدة بالضغط من أجل دور أكثر فاعلية للجمعية العامة، بالنظر إلى أن ثلاثاً من تلك الحالات الأربع كانت رداً على حق النقض الأمريكي، في الواقع ، على مدى الخمسين عامًا الماضية، وكانت واشنطن مسؤولة عن عدد أكبر بكثير من إستخدام حق النقض "الفيتو" أكثر من أي عضو آخر في مجلس الأمن، وأنهُ من بين 72 حالة إستخدام أمريكية لحق النقض ضد قرارات مجلس الأمن، كانت الولايات المتحدة هي التصويت السلبي الوحيد في 63 منها على الأقل.
وحذر"أبوالياسين" أنه يجب
أن نتذكر أن الأعضاء الدائمين لديهم العديد من الأوراق للعبها، وللولايات المتحدة، أقوى لاعب على الساحة العالمية، ولها تأثير هائل على غالبية أعضاء المجلس، وهذا في كثير من الأحيان يمكن أن يعرقل عمل المجلس أو يغيره بشكل كبير دون الحاجة إلى إستخدام حق النقض"الفيتو".
متواصلاً: هذا هو السبب في أن غزوها وإحتلالها للعراق في عام 2003، على الرغم من رفضه في البداية من قبل المجلس، وتم التسامح معها في نهاية المطاف من قبل نفس المجلس لسنوات عديدة، في حالة النقض الأمريكي المتكرر على قرارات مجلس الأمن بشأن إسرائيل ، ولم تدفع الولايات المتحدة أبدا ًثمناً سياسياً باهظاً.
وأكد"أبوالياسين" أن المنظمات الدولية، والمجتمع الدولي ونحن في المقدمة نؤيد بشدة مبادرة "ليختنشتاين" بأن تجتمع الجمعية العامة تلقائياً في كل مرة يتم فيها إستخدام حق النقض في مجلس الأمن، وأن هذا سيجبر الأعضاء الدائمين في المجلس على تبرير تصويتهم للمجتمع الدولي، وسيتم رفع التكلفة السياسية لإساءة إستخدام حق النقض،
وعلاوة على ذلك، ستتمكن الجمعية العامة بشكل روتيني من النظر في التدابير التي تتخذها.
مؤكداً: إنها خطوة مهمة في الإتجاه الصحيح، وأنه لمن الجدير بالترحيب، والجدير بالملاحظة أن الولايات المتحدة هي أبرز المشاركين في تقديم القرار المقترح، ويرجع هذا للفطنة، والحنكة السياسية "لـ "الرئيس الأمريكي المخضرم "جوبايدن"، ومن الواضح أنهم مستعدون لشرح أي إستخدام مستقبلي لحق النقض أمام الجمعية العامة وقبول مسؤوليتها الفرعية .
وختم"أبوالياسين" تصريحةُ الصحفي قائلاً؛ إن القوى العظمى مثل "روسيا والولايات المتحدة" تتصرف بإستمرار في إزدراء للتعددية وبإحترام ضئيل جداً للأمم المتحدة والقانون الدولي، لذا؛ يمكننا أن نتساءل كيف يمكن للأمم المتحدة أن تنجح في عالم يتعرض لمثل هذا الإستخدام السخيف للعنف والتعظيم الوطني، ولا توجد إجابة سهلة بالتأكيد، ولكن من الواضح أن أولئك الذين يسعون إلى تقويض حق النقض، وتوسيع إمكانات القانون الدولي يسيرون في المسار الصحيح الذي يُعيد ثقة المجتمع الدولي بمجلس الآمن.