لا أعلم يقينا لماذا يستحي الإعلام المصري أن يسلط الضوء بشكل مركز على أحد المشاريع الوطنية فائقة الأهمية في تغيير واقع التعليم المصري والذي يعد ودون مواربة تجربة مصرية ناجحة للإستثمار في الإنسان المصري . إن مدارس المتفوقين والتي تشتهر بمدارس STEM Egypt هي المدارس الوحيدة المتخصصة في هذا النوع من التعليم في العالم العربي وشمال إفريقيا وربما في الشرق الأوسط خارج الولايات المتحدة الأمريكية. ولمصر الريادة المطلقة في هذا النوع من التعليم في عالمنا العربي والإفريقي سواء على مستوى النظام التعليمي أو على مستوى قدرات ومهارات خريجيها أو على مستوى خبراء هذه النوعية من التعليم. و ربما حاول البعض إستنساخ التجربة في أكثر من دولة من دول المنطقة ولكن هذه التجارب لم تكتمل حتى الأن والسبب هنا ليس ماديا أو تكنولوجيا وإنما يمكن القول بأن السبب هو آلية إختيار الطلاب الملتحقين بهذه المدارس حيث تختار هذه المدارس الطلاب الفائقين من خريجي المرحلة الإعدادية ليتنافسوا في إختبار قدرات خاصة بعيدا عن الحفظ والتلقين السائدة في نظام التقييم في التعليم المصري حتى الآن . وربما يكون السبب الأهم هو الدعم الكامل من الدولة المصرية لطلاب هذه المدارس حيث تقوم الدولة بتحمل النفقات الفعلية لكل الطلاب طوال مدة الدراسة والتي تستمر لمدة ثلاث سنوات يمر فيها الطلاب بسلسلة غير منتهية من عمليات التعلم المصممة بدقة متناهية وفق نظام تكاملي يعتمد على المشاريع والمصادر المتعددة لمخرجات التعلم والتي يعتمد فيها الطالب على نفسه داخل مجموعات عمل متنوعة ومختلفة ومتغيرة بشكل ديناميكي يمثل المحرك الرئيسي لهذا النمط من التعليم الذي يهدف في النهاية إلى إعداد الطالب الباحث وليس الطالب الذي يجتاز إختبار ما . فالدولة المصرية إختارت الإستثمار في أبنائها الفائقين وتزويدهم بمهارات القرن الحادي والعشرين لإعدادهم للمستقبل بما يتوافق مع رؤية مصر الإستراتيجية 2030 .
والأن ينتشر خريجي هذه المدارس في كل الجامعات التكنولوجية المصرية المتخصصة وفي الجامعات الدولية كالجامعة الأمريكية والبريطانية واليابانية والألمانية والأكاديمية العربية والجامعات البحثية مثل مدينة زويل وجامعة النيل بإلإضافة إلى الجامعات الخاصة والحكومية ومنهم من نال بعض المنح للدراسة في أرقى جامعات العالم
والأن يأمل طلاب هذه المدارس أن تكمل الدولة دعمها لهم بتوفير أماكن في الجامعات الأهلية الجديدة المتمثلة في جامعات العالمين والجلالة والملك سلمان والمنصورة الجديدة حيث تعد هذه الجامعات إمتدادا لنوعية التعليم الذي يتلقوه في هذه المدارس وذلك حتى تستفيد الدولة من هؤلاء الطلاب بعد تخرجهم نظرا لطبيعة إعدادهم المتميزة والتي تضاهي أرقى أنظمة التعليم في العالم. وبحلول سبتمبر المقبل يكون قد مر 10سنوات على إنشاء أول مدرسة في مصر وهي مدرسة المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا بالسادس من أكتوبر October STEM High School .وأعتقد أن هذا الأمر يستلزم تقييما منصفا لواقع هذه المدارس ودراسة سبل دفع هذه التجربة للأمام بوتيرة أسرع لما في ذلك من تأثيرات إيجابية على كافة مناحي الحياة في مصر الحديثة سواء كانت إجتماعية أو تعليمية أو إقتصادية في وقت تتأهب فيه مصر لتثبيت وضعها كقوة إقليمية مؤثرة .