فى بعض اللحظات قد تجلس المرأة،تنظر إلى شريط الذكريات،وتشاهدأجمل أيام عمرها،فتسعد حين ترى ثمرة جهدها..أطفالا يملؤن البيت مرحاوحبا،وبهجة تنشر نورها فى أركان البيت.ولكنها رغم كل ذلك تنتابها الدهشة حين تشعر أن هناك شيئا مازالت تحتاج إليه!فمازال عقلها وقلبها يمتلئ بطاقة هائلة لاتعرف أين تضعها!
فها هى تشعر بأنها بحاجة إلى أن تمارس شيئا ماتشغل به وقت فراغها،وتفرغ من خلاله الطاقة الكبيرة التى تتمتع بها،فتفكر فى أن تمارس هواية ما،أوتتعلم مهارة ما،أوتتعلم علما تساهم من خلاله فى تنمية أسرتها،أومجتمعها فى حدود ماشرعه الله عز وجل.
وقدتطلب الزوجة من زوجها أن يسمح لها بأن تبدأ فى استغلال هذا الوقت بمايفيد،ولكنه يصدمها بالرفض الشديد.
إن بعض الرجال لايتفهمون قيمة مثل هذه الأشياء فى حياة المرأة،خاصة حين تعانى من طول وقت الفراغ،ذلك الفراغ الذى يعتبر مرتعا خصبا لنمو آفات القلوب والعقول،مما يجعل المرأة تتحول مع الوقت إلى شخصية يسيطر عليها سفاسف وتوافه الأمور ،وتهتم بما لايفيد أويجدى نفعا،بل قد تبدأ فى السقوط في بئر الذنوب والمعاصى.
وبعض الزوجات يدركن أهمية استغلال وقت الفراغ فيحاولن مع الأزواج مرات عديدة بحوار ممزوج بالحب،ولكنهن يصطدمن بإصرار الزوج على أن ممارسة الزوجة لهواية ما سيجعلها مقصرة فى بيتها وأن هذه الهوايات لاقيمة لها.
قد تصمت المرأة،وتضع الموضوع فى طى النسيان،كى تمتص أى مشكلة قد تحدث بينها وبين زوجها نتيجة لحوارهما معا حول هذه الأمور،ولكنها ستحمل داخلها سخطا بالغا،وشعورا عميقا بالحزن لتعنت زوجها معها ورفضه لمحاولاتها بأن ترتقى بنفسها،وأن تتعلم مايسعدها وينفعها وينمى شخصيتها.
النساء بحاجة إلى شغل أوقات فراغهن بشئ مفيد،فالفراغ سهامه قاتلة إن اخترقت جدار حياة الإنسان ثقبت أفضل مالديه ،وإذا فتشنا وراء الكثير من أسباب المشكلات الزوجية التى تكون الزوجة سببا فيها سنجد أن الفراغ يحتل العامل الأكبر وراء هذه الأسباب،فهوالوقود الذى يشعل شعلة الفساد النفسى،والمحرك الأقوى لمعظم المشاكل التى تختلقها المرأة.
أشعلوا أوقات فراغ نسائكم بما ينفعهن فى دينهن ودنياهن،دعوهن يتعلمن كل مايحتاجه البيت من مهارات،ومايحتاجه الأولاد من خبرات فى الحياة،ومايحبينه من هوايات مادامت لاتخالف الشرع،لأن النفس إن لم تشغلها بالحق اشتغلتك بالباطل،فاشغلوا أوقات نسائكم بكل ماهو مفيد وبناء قبل أن ينشغلن بكل ماهو هادم.
دعوا نسائكم يتعلمن ويتفقهن ويزدن من خبراتهن،فكل هذا سيصب فى النهاية فى عقول ونفوس أبنائكم ،وسينعكس أثره كذلك على طريقة تعامل زوجاتكم معكم ومع أطفالكم.
دعوا نسائكم يضعن لهن بصمة فى هذه الحياة كما كان للنساء بصمة فى عصرالصحابة والتابعين ،فأول بصمة ستوضع لهن ستكون على جبين مستقبل أطفالكما،وعلى حياتكما معا.