في بعض حينٍ تتصارع الهموم وتأبي إلّا أن تتجرعها.. ولكنك لا تستطيع فعل أي شئ فتحاول المقاومة بكل السبل فلا تستطيع.. ويكون استسلامك لها أيضًا نوع من الهم.. فماذا عسانا أن نفعل؟!
حين التأمل لأمر مُدمني المخدرات قليلًا ستجد أن سبب تعاطيهم لتلك المخدرات ما هو إلّا هروب من تلك الهموم.. وبالطبع هذا أمر يرفضه المجتمع ومن أكثر ظلم الإنسان لنفسه.. لأنه يحاول الهروب من الحياة.. بتدمير نفسه..
لنلقي نظرة متعمقة فيمن يسمون أنفسهم بالمتدروشون.. لنرى ماذا يفعلون.. إنهم يحاولون أيضًا أن يتناسوا شؤون الحياة ولكن بشكلٍ مختلف... شكل قد ابتدعوه وصار منهجًا وناموسًا..
من أراد أن ينسى الحياة.. ليس عليه إلّا أن يصبح درويشًا.. فليقف الآن.. ثم يبدأ بتكرار.. الله.. الله.. الله.. الله.. ولتكن لمئات المرات.. مترنحًا يمنةً ويسرةً مُرخيًا كلا ذراعيه في مهب الريح..لن تمر بضع دقائق إلا ولن يجد عقله.. إن ذكر كلمة الله وتكرارها ليست هي التي تُذهب العقل.. ولكن إذا قام المرء بفعل تلك الحركات الجسمانية وتكرار أي كلمة لمئات المرات.. سيجد أن عقله قد ذهب إلى مكانٍ آخر.. لم يُذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سبح باسم الله منفردًا، فقد كان دائما يقول سبحان الله.. الله أكبر.. الحمد لله.. وهكذا.. ولكننا لسنا الآن في مجلس علم.. إننا نعالج أمرًا دنيويًا..
إننا لا ندعو إلى الدروشة والانفصال عن الواقع إلى أرض الخيال.. فقط سنقتبس منهم بعضًا من أهازيجهم كي ننفصل قليلًا.. ثم نعود..
فلتقم الآن وترنح ولا تخف.. وفي أثناء تحركك في أي اتجاه ستنسي واحدًا من همومك.. ثم بعد أن تنتهي من تلك الدروشة.. ستجد ذاتك في مكانٍ آخر.. ستستلقي مسترخيًا وقد نسيت تمامًا من أنت!.. إمّا لوقع تكرار الكلمة على ذهنك.. أو لأن الترنُح قد أجهدك فأردت الراحة..
إحم.. إحم... لا تنسوا أن تغلقوا أبوابكم وأنتم على تلك الصورة التي فيها تتدروشون.. إنني فقط أقوم بتهدئة النفوس.. لأنني لا أخفيكم سرًّا إذا رآكم المجتمع على هذا الوضع فلن تستلقون على الأسِرَّة أبدًا.. حتمًا ستستلقون في مكانٍ آخر.