على المائدة، جلست الأم بابتسامة حزينة، وهي تحتضن طفليها بكلتا ذراعيها، تقبلهما بحب.
وضعت أمام كل منهما رغيفًا من الخبز يحتوي على نصف بيضة مملحة.
كانت تدخر قطعة الجبن المتبقية للعشاء، في انتظار أن يرزقهم الله بغيرها.
رغم صغر سنهما، كان الطفلان يدركان تمامًا أن الحياة أصبحت أصعب بعد رحيل والدهما، فقد كان عاملًا بسيطًا، ولم يترك لهما شيئًا سوى ذكرياته.
في أحد الأيام، مرض أحد الطفلين ولم يستطع تناول البيض، فوضعت الأم البيضة كاملة أمام الطفل الآخر وطلبت منه أن يأكلها.
فرح الصغير، فهذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها على بيضة كاملة، ولكن بعد أن انتهى من تناولها، شعر بألم شديد وعجزت معدته عن تحمل هذا القدر من الطعام، ففقد كل ما تناوله.
بينما كانت الأم تنظف، تأملت في وجهي طفليها، وشعرت بمزيج من الفخر والمرارة. نظرت إليهما وعيونها وكلماتها تدفعهم لتحقيق مستقبل أفضل.
بعد سنوات، أصبح الطفلان شابين قويين، يحملان أثقال الحياة في صمت، وعندما قررا فتح متجر خاص بهما، وضعت الأم على المائدة التي جمعتهما في أول يوم من عملهما رغيفين من الخبز ونصف بيضة مملحة، كما كانت تفعل لكن هذه المرة كانت هناك بيضة كاملة للطفلين، وحينما جلسوا لتناول الطعام،اكتشفا أن المائدة كانت تحتفظ بشيء آخر
رسالة صغيرة مكتوبة بخط يد والدهما يقول: "التضحية تجعل الطعام طيبًا، والرحمة تجعل الحياة أخف."
ابتسم الاثنان، ثم قررا ألا تفرغ المائدة أبدًا، ليس من الطعام فقط، بل من الحب والمشاركة.